رسالة الميلاد من مسيحي دمشقي : رسالة محبة وتضامن
أيها الأحبة
لقد رغبت منذ زمن أن أتوجه إليكم، جميعاً، من دون تمييز، بكلمة تعبر عما يخالجني، ولكنني الآن في عشية الميلاد أجد الظرف مناسباً أكثر لقولها
إلى أهل الشهداء، كل الشهداء، وخصوصاً أمهاتهم، أم حمزة وأم زينب وأم ابراهيم وأم علي وأم داني وأم فادي الكسم، وكل الأمهات، كيف لاأفكر بكم وقد فقدتم أعز من في الوجود ؟ في هذا العيد يذكر كل منا من يحبه، أقول لكم بأنني أحبكم وأحب أولادكم وأحباءكم الذين انتقلوا من هذه الدنيا، أعلم أن لاشيء ولاأحد يعوض فقدان الغوالي الذين رحلوا، لكن اقبلوا مني، ومن كثيرين مثلي، أن نكون أبناء لكم ولكن
إلى أهالي حي الميدان في دمشق
إن لكم إخوة في الطرف الآخر من المدينة يتألمون معكم، يتألمون لمقتل الأطفال الورود، وتعتصر قلوبهم لعدم استطاعتهم مشاركتكم فيزيائياً بواجب التعزية، بل إن قلوبهم حزينة حزينة، ولاتصدقوا بأن حفلات الخزي والعار في ساحة باب توما تعكس حقيقة مشاعرنا تجاهكم، بل إن الكثيرين أصبحوا يمتعضون من مجرد الاضطرار إلى المرور في تلك الساحة وقت حدوث هذه المظاهر بل المساخر كما يقال بالعامية. ليس فقط المتعلمين بل كثير من الناس العاديين ومن النساء والرجال على السواء.ألعل قلوبكم الكبيرة تتسع لخجلناا؟
ماذا أقول لبقية المدن؟ لشهداء الجمعة العظيمة من جوبر؟ (الذي أصر القناص الموجود في اعلى برج 8 آذار في الزبلطاني على اصطيادهم كالعصافير!) أم لدوما الجريحة؟ أم لحمص الشهيدة؟ أم ………سامحوني يا جميع المدن والقرى، لم اكن أهلم بأن وطني فيه هذا الكم من العطاء والشجاعة. لقد أيقظتم في سوريتي، سوريتي غير المتعصبة، سوريتي المتقبلة لكل اختلاف. أعدكم بأن أحفظ أسماء كافة الأحياء والضيع، وسنلتقي يوماً بفضل تضحياتكم
أما أنتم يارجال الدين، فأقول لكم: لم أعد أحترمكم ماعدا قلة (أبونا باولو في ديرمارموسى النبك والشيخ كريم راجح في دمشق مثالاً عن هذه القلة) ألا تستحق كل هذه الدماء كلمة استنكار؟ أم أنكم نسيتم ماعلمتمونا إياه عن المحبة التي بها يتعلق كل الإيمان والشريعة؟ لا نريد الانتحار بل نموت مع مواطنينا ونحيا معهم، لا نطلب حماية منهم بل نطلب رحمة، وحماية لهم ولنا
وأنت أيها الوحش؟ ألم تشبع من دمائنا بعد؟ ألا يكفيك المدنيين والجنود والأطفال والنساء والرجال؟ ألا يكفيك كل هذا الحقد؟ إنك تسكر بآلامنا العظيمة، الألم السوري العظيم (بالاذن من الأستاذ الياس خوري)
لكنني اشكرك –
تشكرني؟ –
نعم أشكرك، لقد أثبت لنا أن بلدنا كبير ليتسع لنا جميعاً، يتسع تنوعاً وغنى فائق الوصف، وعطاء وتضحيات هائلة
وسيبقى لنا أمل بحرية وكرامة
إنك تحلم…….. سيأتي بعدي من هو أشد قسوة وعنفاً –
نعم قد يكون ذلك صحيحاً، لكن الصحيح ايضاً أن الحياة هي أقوى من الموت، والأمل كبير بمستقبل افضل –
وأخيراً إليك أنت يا أمي سوريا، أعلم كم أنت حزينة على أبنائك، أعلم كم كنت تودين أن يأتي العيد وقد انتهى مخاضك، سامحيني أنت أيضاً إذ ليس لي سوى قول الشاعر (مخاطباً دمشق ولكني سأضع سوريا بدل العاصمة بالإذن من الجواهري
سوريا صبراً على البلوى فكم صهرت سبائك الذهب المغلي فما احترقا
جورج من دمشق