روسيا الحريصة على صورتها! – منار الرشواني
تطبع روسيا أطناناً من الأوراق النقدية لحساب نظام بشار الأسد، وتزوده بالوقود اللازم للدبابات التي تقصف المدن السورية، وتعلن التزامها التام بعقود الأسلحة التي لم تُستخدم إلا ضد الشعب السوري. بعد كل ذلك المعلن (ناهيك عن المستتر من تورط استخباراتي وعسكري، أقله على مستوى الخبراء والمستشارين، إلى جانب نظام الأسد)، تشكو موسكو من محاولات غربية لتشويه صورتها بهدف « حرمانها من دور الوسيط في عملية التفاوض عند النظر في القضية السورية »، كما جاء على لسان مصدر عسكري دبلوماسي روسي قبل أيام!
ربما تدعي روسيا أن كل أشكال دعمها السابقة ليس غايتها إلا منع انهيار « الدولة » السورية، والذي يعني الفوضى، ولربما الحرب الأهلية الشاملة، اللتين لا تشكلان مصلحة لأي طرف في سورية، والمنطقة، والعالم ككل. لكن الحقيقة التي تدركها روسيا حتماً أنها فقدت دور الوساطة تماماً، بدون أي دعاية غربية مغرضة؛ وذلك باستمرارها في حماية بشار الأسد، ولو لفظياً ومعنوياً، وهو المسؤول الأول والأخير عن المجازر والدمار في سورية، منذ سعيه إلى عسكرة الثورة السلمية وحتى هذا اليوم الذي أصبح فيه القتلى يُعدّون بعشرات الآلاف، والمهجرون والنازحون بالملايين، وربما قريباً من ذلك المعتقلون والمختفون.
فإذا كانت المعارضة السورية مشتتة بين جماعات ومجموعات وفصائل يفوق عددها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وهي لا تكاد تقبل الاتفاق فيما بينها على أمر صغر أو كبر؛ إلا أن هذه المعارضة، في الداخل والخارج، تلتقي حتماً على شيء واحد ترفضه روسيا تماماً، وهو رحيل بشار الأسد، وتفكيك نظامه الأمني الذي قتل الشعب، ودمر البلد، بعد أن استنزف الجزء الأعظم من موارد سورية.
ونتيجة لهذه الحقيقة، يبدو منطقياً أن تكون آخر جولات المفاوضات الروسية لإنهاء الأزمة السورية هي نيابة عن نظام الأسد ومع النظام ذاته، ممثلاً بوفد مجلس الشعب السوري الذي زار موسكو أول من أمس! فكل المعارضة السورية، حتى من معادي الإسلاميين والولايات المتحدة، هي من وجهة نظر قادة الكرملين معارضة عميلة للغرب أو قصيرة النظر وغبية!
أهم من ذلك دليلاً على تواطؤ روسيا مع الأسد ضد سورية، أو تحول موسكو في أحسن أحوالها إلى العجز عن ردعه بعد مده بكل ما يلزم للقتل والتدمير، هو الموقف من المعتقلين السوريين بدون محاكمة (أو محاكمتهم وفق الأحكام العرفية، كما أقر فاروق الشرع في مقابلته مع صحيفة « الأخبار » اللبنانية الشهر الماضي). فلماذا لم تطالب موسكو الأسد بإطلاق سراح هؤلاء المقدر عددهم بمليون معتقل بحسب بعض المصادر، وبينهم مناضلون شيوعيون ويساريون، تأكيداً على صدق رغبة الأسد في الحل السياسي الذي تدعي موسكو السعي إليه؟ ولماذا قبلت اتخاذهم رهائن إلى حين إنفاذ اتفاقية الإذعان الموهوم التي طرحها الأسد، بموافقة روسية غالباً، في خطابه الأخير بدار الأوبرا في دمشق؟
على روسيا أن تتوقف عن ادعاء القلق على صورتها لدى السوريين، ولربما في العالم العربي أجمع؛ إذ لم يعد لديها ما تخسره!
http://www.alghad.com/index.php/crew/152751.html