سورية الأسد .. سيادة للإيجار -منار الرشواني
فيما كان الجنرال « الإيراني » قاسم سليماني ينشر، قبل أيام، صوره وهو يتفقد مليشياته التي أعادت، بغطاء جوي « روسي »، فرض الحصار على الأحياء الشرقية لمدينة حلب، كانت حركة النجباء « العراقية » بجنسية مقاتليها إنما « الإيرانية » في ولائها وتبعيتها، تعلن على لسان الناطق باسمها عن إرسال « أكثر من ألف مقاتل آخر إلى الأجزاء الجنوبية من مدينة حلب… لتعزيز مواقعها ».
أما دور حامل مسمى « الرئيس السوري »، بشار الأسد، فقد غدا -بعد استجلاب كل هؤلاء الغزاة، باسم السيادة و »شرعية » وراثة « جمهورية والده »- مجرد تحمل المسؤولية الاسمية عن مواصلة استخدام الغازات السامة ضد السوريين، لاسيما الكلور هذه الأيام، فقط ليستتب الأمر للإيرانيين والروس على الأرض السورية!
وهكذا مشهد يُفترض أن يكون أكثر من كاف لتلخيص جوهر السيادة لـ »سورية الأسد »، والتي لم تعد تعني إلا أنها سيادة للإيجار، منته غالباً بالتملك؛ طالما أن ذلك يبقي الأسد بمسمى رئيس جمهورية! لكن الحقيقة أن الأسد، ودوماً في سبيل بقائه، يبدو كريماً في « سيادته » حتى مع أعدائه وخصومه!
فمنذ العام 2014، صارت « واشنطن وحلفاؤها » (الذين هم بحسب الأسد وشبيحته، قادة المؤامرة الكونية على « المقاومة والممانعة »)، « في خندق واحد مع الجيش السوري »، كما عنونت صحيفة ابن خال الأسد؛ رامي مخلوف، مع بدء التحالف الدولي عملياته العسكرية ضد تنظيم « داعش » في سورية، من دون استئذان صاحب السيادة المفترض. واليوم، كما يعرف الجميع، صار للولايات المتحدة مطارات وقاعدة عسكرية في شرق سورية، أنشئت على أعين الإيرانيين والروس الذين صاروا أصحاب السيادة الفعليين.
أما حالياً، فإن التدخل العسكري التركي في شمال سورية منذ نهاية الشهر الماضي، لم يستجلب إلا إدانة « سورية الأسد » على لسان مصدر مجهول في وزارة الخارجية. وهو يمكن أن يفسر إما من باب حفظ ما بقي من ماء الوجه، أو الاعتراض على قنص الأتراك جزءاً من « سيادة الأسد » من دون عقد إيجار أو تمليك. لاسيما أن الأسد كان قد دعا الأتراك قبل ذلك بأيام فقط إلى أخذ شيء من « سيادته »، لمهاجمة الأكراد في الحسكة؛ وقد صاروا فجأة مقاتلين منتمين لحزب « العمال الكردستاني » التركي، نتيجة انقلاب حزب الاتحاد الديمقراطي على تحالفه السابق والمديد مع الأسد.
هكذا، يبدو واضحاً تماماً حد البداهة، أن سيادة « سورية الأسد » تقبل الشراكة والقسمة على الجميع، لا يستثنى من ذلك إلا السوريون فقط، والذين كان مصيرهم التقتيل والتهجير منذ خرجوا للمطالبة سلمياً بأبسط حقوقهم المسلوبة عقوداً. وهذا منطقي تماماً، فهي « سورية الأسد »، التي تُختزل بشخص أو عائلة على الأكثر، وفق أسس الديمقراطية التي يروج لها « الشبيحة الديمقراطيون »، وبحيث لو اختفى بشار لأي سبب الآن، لكان حتمياً تعديل الدستور « ديمقراطياً » ليصبح الحد الأدنى لعمر رئيس الجمهورية 18 سنة، فيكون ممكناً لحافظ بشار حافظ الأسد وراثة عرش أبيه وجده، باسم حماية سورية وحتى ديمقراطيتها!