الشهادة التي قدمها الدكتور رضوان زيادة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جلسته الاستثنائية الخاصة بسورية بتاريخ 22 أغسطس 2011 في جنيف
الترجمة العربية للشهادة التي قدمتها أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جلسته الاستثنائية الخاصة بسورية بتاريخ 22 أغسطس 2011 في جنيف
مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف
الجلسة الخاصة بالمجلس عن سورية المعقدة بتاريخ 22/8/2011
بيان مقدم من د.رضوان زيادة
مدير مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان
السيد الرئيس:
قبل أربعة أشهر وتحديداً في 29 أبريل / نيسان الماضي كنا قد اجتمعنا في نفس الجلسة التي نجتمعها اليوم والتي تمحورت عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والمرتكبة في بلدي سورية. من الواضح أن الوضع قد أصبح أكثر سوءً وتأزم أكثر بكثير مما كان عليه الوضع في ذلك التاريخ، حيث أن عدد الأشخاص الذين قتلوا قد بلغ 2500 (700 منهم قتلوا فقط في شهر أغسطس الحالي والذي يوافق شهر رمضان المبارك الذي له معنى ديني خاص لدى المسلمين ليس في سورية فحسب وإنما في كل العالم الإسلامي) لقد قتل الآلاف خلال الإحتجاجات أو حتى خلال شييع الجنازات من قبل رصاص القناصة غالبا ، كما لقي المئات حتفهم نتيجة التعذيب المبرح أثناء احتجازهم .فإن الاستعمال المستمر والمنهجي للقوة والعنف ضد المدنيين والحالة الإنسانية المتردية في بعض المناطق المستهدفة بالإضافة إلى التعتيم على انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات السورية، حيث أن السلطات السورية لا تزال ترفض وصول المراقبين المستقلين إلى أراضيها بما في ذلك البعثة المفوضة من قبل مجلسكم الموقر والمكلفة بالتحقيق. وهذا جعل السوريين اليوم يمرون في محنة لا سابق لها . إن السوريين اليوم يتطلعون إلى هذا المجلس لحث السلطات السورية بصورة قاطقة ونهائية على وضع حد للسياسة المتعمدة في إطلاق النار بهدف القتل .
منذ اندلاع الثورة السورية، فإن العديد من الانتهاكات والجرائم الجسيمة لحقوق الإنسان قد ارتكبت ضد المتظاهرين والمدنيين عموما وقد كانت منسقة بشكل رئيسي من قبل قوات الأمن السورية التي هي في نهاية المطاف تحت سيطرة الرئيس السوري بشار الاسد. تتمثل هذه الإنتهاكات بالاعتقال التعسفي والإحتجاز الذي يطال المدنيين والتعذيب وسوء المعاملة خلال الاعتقال وإهانة المدنيين أمام أسرهم وإطلاق النار على أعضاءٍ في الأسرة دون أي سابق إنذار ، إضافة إلى حالات عديدة من الاغتصاب التي أصبحت من بين الجرائم الموثقة والتي ترتكب ضد المدنيين بمن فيهم أولئك الذين لم يشاركوا في الاحتجاجات. حيث أن أعمال العنف والجرائم المرتكبة ضد المدنيين تتم على يدي »الشبيحة » أو البلطجية وهم جماعات مسلحة يستهدفون ويهاجمون المتظاهرين مرارا وتكرارا ويداهمون المنازل وغيرها وليس هناك أي شك بتواطؤ هذه الجماعات المسلحة على مرأى ومسمع من قوات الأمن.
وعلاوة على ذلك ، فإن الجيش الوطني شارك منذ بداية مبكرة من القمع في العمليات العسكرية القاسية باستخدام المدفعية الثقيلة من قبل الدبابات وطائرات الهليكوبتر وغيرها حيث أنهم حاصروا مدن بأكملها. وهذه العمليات هدفت أيضا إلى أن نشر الخوف بين السكان. هؤلاء السكان في المدن المحاصرة يواجهون تدهورا في الأوضاع الإنسانية والصحية، بالإضافة إلى مخاطر تعرضهم للقتل أو ألقاء القبض عليهم
. يعاقب جميع السكان في هذه المدن بقطع الكهرباء عنهم والمياه والاتصالات بجميع وسائلها لفترة طويلة من الزمن تصل إلى أسبوعين وأحيانا أكثر، كما حدث في درعا في نيسان الماضي، وبعدها في حمص وحماه في وقت لاحق، ومن ثم دير الزور واللاذقية على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية.
ترتكب هذه الأفعال دون عقاب حيث يفلت المسؤولون عنها ولا يتعرضون للمحاسبة البتة
السيد الرئيس:
لن أتحدث أكثر عن هذه الاساليب التي أصبحت سياسة دولة في نظام الاسد حيث تم تقديم تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان سابقا والذي وثقت فيه كل إنتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع ، ولكن أريد أن أذكر مثالا واحدا فقط لأنه يعني لي شخصياً الكثير:
معن العودات مهندس وناشط من مدينة درعا، التي كانت منبعاً للاحتجاجات ضد الرئيس السوري بشار الأسد، عمره 43 عاما، يحظى باحترام كبير بين أصدقائه وسكان مدينته ، كان معن قد تعرض للضرب عدة مرات خلال مشاركته في المظاهرات ، وتم اعتقاله مرتين حيث تعرض لتعذيبٍ قاسٍ وشديد الوطأة مما ترك الكثير من العلامات على جسده، لكنه لم يستسلم ، إذ أنه يعتبر من بين القادة الميدانيين في سورية والذين يؤمنون أن الحرية تؤخذ ولا تعطى، فقد خرج في أحد المرات من سجنه إلى مكان المظاهرة كي يشارك بها دون حتى أن يمر على منزله أو يصافح والدته، كان معن يشارك في جنازة أحد اصدقائه الذين قتلوا على أيدي قوات الأمن السورية، وخلال التشييع في المقبرة بدأت قوات الأمن بإطلاق النار عشوائياً على الناس لتفريق المشيعين وعددهم 50 فقط، بدأ المشيعوون يرددون أن الشهداء يحيون ولا يموتون، إنهم خالدون، فقام قناص بإطلاق النارعلى رأس معن فسقط شهيداً ، وبعدها قام ضابط أمن بإطلاق الرصاص على كل من حاول مساعدة معن فقتل وجرح ستة آخرين.
إنها المأساة ذاتها التي نعيشها يوميا في سوريا، فالجميع من هؤلاء الشهداء الأبطال لديه أسرة وأطفال ينتظرونه ، كل شخص منهم مفعمٌ بالحب لبلده، كما أن كل واحد منهم يتملكه الحلم برؤية بلاده حرة وديمقراطية يوماً ما، إن مطلبهم الأساسي من المجتمع الدولي أن يتوقف الأسد ونظامه عن أعمال القتل.
. أخيرا أود أن أنهي شهادتي بهاتين التوصيتين :
ينبغي لمجلس حقوق الإنسان أن يوصي الدول الأعضاء في مجلس الأمن إحالة الوضع القائم في سورية إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية عن الجرائم الدولية التي ارتكبت من قبل الحكومة السورية ضد مواطنيها.
يجب تنفيذ القرار الأخير بشأن سوريا، ولا سيما فيما يتعلق بإيفاد لجنة مستقلة لاجراء تحقيق في الجرائم التي ارتكبت من قبل الحكومة السورية في الاشهر الاخيرة.