على وشك الإقلاع – محمد حسين المومني
التطورات الميدانية والسياسية المتسارعة، تطرح بقوة متزايدة اقتراب ساعة الحسم في سورية، والذي ستكون أيقونته الأكبر، والمتوقعة، مغادرة بشار الأسد للعيش هو وعائلته في مكان آخر، الأرجح أنه إيران، وليس بالضرورة روسيا التي لن تسعى إلى مواجهات دولية مع محكمة الجنايات الدولية التي ستلاحق الأسد بعد رحيله، بسبب جرائمه البشعة ضد الشعب السوري.
مقابلة نائب الرئيس السوري، فاروق الشرع، الأخيرة، ليست بالضرورة المؤشر الأقوى على اقتراب أفول طاغية دمشق؛ فتلك المقابلة تمت، على الأرجح، ضمن تكتيك إعلامي وسياسي من قبل النظام السوري، بهدف تشويش المشهد السياسي الذي أُحكمت حلقاته حول عنق النظام، خاصة وأن الشرع يعيش وعائلته في سورية، وهو يعلم تماما أن تصفيته تحصيل حاصل إذا ما نحى باتجاه بعض من الأخلاق السياسية وشيء من الإنسانية في أواخر أيامه السياسية. مؤشرات أخرى هي الأهم في الدلالة على اقتراب أفول نظام الأسد، منها التطورات الميدانية، واعتراف واشنطن –القادر الوحيد على لجم روسيا- وعواصم أخرى غيرها، بالقيادة السياسية السورية الجديدة، ونشر صواريخ « باتريوت » على أراضي عضو حلف « الناتو » تركيا، تحسبا للحظات جنون سياسي محتمل من قبل النظام، إضافة إلى عدد من التقارير والتصريحات التي تؤكد انهيار معنويات مستشاري النظام السوري الإيرانيين والروس، وبدء الاستعدادات الروسية لإجلاء الرعايا عن الأراضي السورية.
هذه مؤشرات اقتراب ساعة الرحيل. وكما يؤكد الخبراء المحايدون الذين يتابعون التطورات الميدانية العسكرية بدقة، فإن الموعد الأرجح لسقوط النظام سيكون مع بداية الربيع المقبل، وإن كانوا أيضا يؤكدون ضرورات التواضع في التنبؤ بذلك. فالنظام بات يفتقد القناعة باستمراره، والمعارضة تؤمن تماما باقتراب نهايته، وبأحقية وشرعية وأخلاقية هدفها وعملها. وهذا تماما ما يؤكد حتمية السقوط المدوي القريب للنظام.
التحضير لمرحلة ما بعد الأسد بدأت بالفعل، وبكثافة. وهذه عملية ليست بأقل أهمية أو تعقيدا أو ضراوة من مرحلة التخلص منه. وثمة قناعة متنامية لدى المعارضة الميدانية في إطار الإعداد لمرحلة ما بعد الأسد، بضرورة الاتجاه بوضوح لتقديم نموذج مقاومة مختلف نوعيا عن أسلوب الجرائم الذي يتبعه النظام، الأمر المهم لكسب احترام الشعب السوري بكافة أطيافه. المقاومة الميدانية، ومن خلال رصد سلوكها، أصبحت تدرك إلى حد بعيد أهمية ترسيخ حياديتها السياسية، وأن تكون نواة لجيش محترف ووطني لكل الشعب السوري، مع ضرورة التأكيد على افتقاد مقارنة جرائم النظام بأي تجاوزات من قبل المقاومة لأي أساس أخلاقي.
وتبرز الحاجة أيضا إلى تكثيف التأكيد على الوحدة الوطنية السورية في هذه المرحلة، وهو ما يمكن رصد تنامي حدوثه؛ وأن سورية الجديدة ستكون لكل السوريين أياً كان عرقهم أو دينهم، وأنهم في دولتهم المدنية المقبلة سيكونون سواسية أمام القانون، ولن يستقوي أيّ منهم على الآخر.
ننتظر سورية الجديدة بفارغ الصبر. ونراقب بكل فخر وكبرياء عروبي الملحمة الوطنية التي يسطرها شعب سورية العربي الأموي العريق، ونجزم أن ثورته المطالبة بالحرية والكرامة ستدرس في معاهد المجد والحضارة، فقد أوجد هذا الشعب معنى وأفقا جديدين للمقولة العربية الأصيلة « الموت ولا المذلة! ».
http://www.alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef2/article/31515/%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%88%D8%B4%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%B9.html