عن سورية والسوريين والناشطين -موفق ملكاوي
عن سورية والسوريين والناشطين -موفق ملكاوي
ثمة من ما تزال مفردة « سورية » لا تعني لهم سوى النظام هناك، وهو نظـام مهترئ، على استعداد لأن يفني نصف الشعب من أجل تثبيت قوائم حكمه فوق صدور الناس.إن من لا يستطيع رؤية دم مجزرة الحولة، لن يكون بمقدوره الحكم على أي شيء، وسيظل يلجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي لينشئ صفحات تمجد الجلاد؛ فالمسبحون بحمد « النظام الممانع » في خارج سورية، ليسوا مضطرين للعيش تحت سطوة أسلحته المجرمة، ولا هم مضطرون لأن يسلموا أبناءهم للقبور كل صباح ومساء.مجزرة الحولة تستحق أن تتبوأ جميع العناوين العالمية اليوم، فهي أبشع ما ارتكبه نظام القتل الطائفي من جرائم منذ انطلاقة الثورة السورية المجيدة في آذار (مارس) من العام الماضي.غير أن من أبشع الجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوري وسورية العظيمة، كذلك، هي محاولة اختصارهم تحت اسم نظام دموي، فكأنما لم تكن سورية قبل هذا النظام، وكأنما لن تقوم لها قائمة من بعده. والحقيقة الجلية اليوم، هي أن نظام بشار الأسد بات نظاما إجراميا في حالة أفول، وبشار نفسه مجرد مجرم حرب، نتمنى أن ينتهي إلى حتفه، أو زنزانته، قريبا.جميع الأسلحة التي من الممكن استخدامها ضد هذا النظام المجرم هي أسلحة شرعية، ما دام الهدف تخليص الشعب السوري من نير القمع والقتل اليومي الذي أعادنا إلى أجواء بيروت السبعينيات يوم كان القتل على البطاقة.نعلم أن التاريخ لن يعيد نفسه، فما كان مقبولا في مطلع الثمانينيات عندما قام الأسد الأب بإبادة أهل حماة، وسكت المجتمع الدولي على جريمته البشعة تلك، ما عاد مقبولا اليوم، ولا بد لبشار من أن يدفع ثمن جرائمه هذه.إن تواطؤ المجتمع الدولي مع المجرم حتى الآن، لا يزيد الثورة إلا صلابة، حتى وإن ابتليت بدول وتنظيمات متورطة في القتل اليومي ضدها، وحتى وإن ابتليت بمجلس انتقالي لم تختره، وجاء ضعيفا وغير متجانس، ولم يفعل شيئا سوى التفرج على الجرائم والندب وضرب كف بكف.أما الناشطون « القومجيون »، والأحزاب والتنظيمات التي تلبس قميص الثورية المزيف، والذين يخرجون في المسيرات، ويدبجون الخطب لـ »التباكي » على « الثورة البحرينية » في دول متاخمة لسورية، فنقول لهم: « إن تحت بصركم تماما دما أكثر وضوحا »، فإذا وجدتم حقا للبحرينيين في التضامن، فكيف تحرمون السوريين هذا الحق؟!من السهل جدا اتخاذ موقف ضد الكيان الصهيوني، فهو عدو واضح المعالم والخطط والأهداف. ويبدو أنه من السهل أيضا اتخاذ موقف ضد الشعب الأعزل، ما دامت قوى المنطقة ما تزال تستطيع أن تلون الأشياء باللون الرمادي لـ »نشطاء » يعانون من الرمد على مدار العام، ليستصعبوا بالتالي اتخاذ موقف ضد « حليف » خلع عنه رداء الإنسانية، وانتمى إلى شريعة الغاب من أجل الحفاظ على كرسيه ومكتسباته.لا بأس بمزيد من النشاط على الإنترنت أيها « النشطاء ». ولا بأس من تزوير الأحداث اليومية واتهام شعب بالعمالة والخيانة، فما فائدة الشعوب في الأصل، أليست الأنظمة أجدر بالبقاء؟!
http://www.alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef2/article/29596/