فراشة وحياة وقبضة ذراع مبتور – الى يوسف عبدلكي – زياد ماجد
أعدّت صفحات سورية عدداً خاصاً عن الفنّان السوري المعتقل في سجون الاستبداد يوسف عبدلكي.
يمكن الإطّلاع على مواد العدد من خلال النقر هنا
النص التالي هو مساهمتي في هذا العدد.
1
فراشةٌ ترى نصل السكين. السكين مغروس وهي تقترب منه. ثمّة تحدّ في اقترابها. تنظر إليه، تحدّق فيه وتقترب. تُدرك إن زحزحته صعبة، جارحة، لكنها تكمل مسارها صوبه.
تكتمل اللوحة في هذه اللحظة. لحظة التكثيف المدهشة. لحظة « ارتطام » فراشة بنصل سكّين. ولنا أن نتخيّل سقوط السكين وجرح الفراشة.
2
الأم وابنتها عيونهما كبيرة. فيها مأساة وفيها صبر. في يدَي الأم صورة ابنها. هي ما تبقّى لها من حضوره. اليد اليمنى تمسك الصورة برفق. كأنها تمسك طفلاً، طفلها ولو صار شاباً، ولو صار رجلاً شهيداً. خلف الأمّ والبنت العاريتي القدمين صور عائلية. بعضها من باب الذكرى الحيّة، والبعض الآخر فرضه الموت، أو القتل. صور جيلين أو أكثر من أفراد العائلة الذين طواهم الردى. حوّلهم الى صمت، الى صلاة كصلاة يدي البنت الصغيرة.
أم وابنتها واقفتان أمام صوَر. الأمّ تحمل صورة شهيد، وهي والبنت تنظران صوب العدسة. تُريانها الصورة. صورة تصوّر صورة. والصورة ستنضم يوماً الى الصور المعلّقة على الجدار. فتستمرّ الحياة.
3
ذراع مقطوع والدم لم يجفّ بعد. للذراع ظلّ. هو إذن في عين الشمس، في وضح النهار. اليد ما زالت محكمة الإغلاق، ولم يفلح البتر في تطويع الأصابع. ظلّت القبضة مشدودة، ظلّت ممسكة بشيء. قد يكون أملاً، قد يكون حلماً، وقد يكون مجرّد إرادة حياة دافعت عنها حتى « الرمق » الأخير…
4
يوسف عبدلكي ليس فنّاناً ملتزماً (سياسياً).
هو فنّان وملتزم (سياسياً وإنسانياً). فنّه قيمة في ذاتها، وأعماله اختبار إبداع دائم لا مساومة فيه.
وهو « ملتزم » لأن عمله الفنّي يرتبط بقضايا الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية التي كافح وسُجن ونُفي من أجلها.
الحرية والسلامة له ولجميع المعتقلين في سجون الاستبداد.
الحرية والسلامة لسوريا.
date : 29/07/2013