في سلمية الثورة وبعد…. – رجا
هدفنا جميعاً في هذه المرحلة هو إسقاط نظام لا نختلف على سوءه، ولاحقاً على الأغلب سوف نختلف، قليلاً أو كثيراً، على شكل الدولة التي نريد
كل ما يهمني الآن هو إسقاط النظام بأسرع طريقة ممكنة ولكن في الوقت عينه بطريقة تضمن أفضل الظروف لفترة ما بعد السقوط
لسنوات عدة، بل لعقود بقي النظام محتكراً للعنف في الداخل، خلا فترة أحداث الثمانينات المختلف على تفاصيلها وعلى من تقع مسؤولية أحداثها. وحتى في الأشهر الأولى من الثورة كان النظام هو من يحتكر العنف وإستعمال القوة بمختلف درجاتها
يجب علينا هنا أن نفرق بين الدفاع الشرعي (شرعي بالمعنى الديني والمدني الوضعي) عن النفس من جهة والعنف الممارس من قبل بعض أطياف المعارضة للإنتقام والثأر أو من باب الفعل الإستباقي
بغض النظر عن موقفي الشخصي، لا يمكن لي أن أطالب أحداً، أياً كان، بأن يمتنع عن الدفاع عن نفسه أمام من يتوجه إليه مباشرة بالعنف، لكنني أرفض علناً، وأدعو إلى رفض كل مظهر عنفي آخر
لممارسة العنف أو كما يسميها البعض عسكرة الثورة في حالتنا وجهان، الأول متعلق بالبعد الأخلاقي، والثاني متعلق بمدى الإستفادة من هذه الممارسة لتحقيق الهدف المنشود ولنسمه البعد العملي
من الناحية الأخلاقية، حياة الإنسان قيمة مقدسة، لا يحق لأحد المس بها، ومن هذا الباب أنا أرفض عقوبة الإعدام والإنتحار، يستثنى من هذا التعميم حالات الدفاع المباشر عن النفس فقط… أي محاولة لتبرير العنف خارج إطار الدفاع المباشر عن النفس، مع التركيز على كلمة مباشر، يسمح للآخر أن يستعمل العنف ويمارسه ضدك
من الناحية العملية، إلى أين سيودي بنا العنف؟؟ ألم تصر الإجابات عن هذا السؤوال مكرورة ومستهلكة؟؟ ومع ذلك ما زلنا نسمع من ذات الأشخاص الدعوات نفسها إلى العنف
العنف سيجعلنا مشابهين لعدونا، سيبرر له عنفه وسيصبح عدد الضحايا مضاعفاً على أقل تقدير، عدا عن صعوبة الحصول على السلاح والذخيرة والرجال الذين يجيدون هذا النوع من « العمل »، وإستحالة ضبط العمليات العسكرية من قبل قيادة واحدة متفقة، ولن نستطيع بأي حال من الأحوال مجاراة الآلة العسكرية للنظام الذي يمتلك جميع أنواع الأسلحة ومستودعات للذخيرة بمساحات لا يعلمها الكثيرون منكم
أضف إلى ذلك، الناحية الإعلامية وموقف بقية الدول المجاورة والمؤثرة، وفقدان تعاطف فئة من الشعب، ولا يقل أحد أننا لسنا بحاجة لهم، نحن بحاجة إلى كل مواطن، فنحن نتقدم خطوة إلى الأمام مع كل إنتقال لمواطن من ضفة الموالاة إلى ضفة المعارضة
كما أننا سنلاحظ إنحسار أعداد المنشقين حينها بصورة دراماتيكية إذ أن أغلب من ينشق عن الجيش والقوات المسلحة فيما مضى ركز على تأثره بمظاهرات الجماهير السلمية العزلاء، ورفضه لإطلاق النار بإتجاهها، أما مع الإنتقال إلى عسكرة الثورة فلن يبقى هذا الموقف سائداً أو دافعاً على الإنشقاق
ألم تسمعوا بالدراسات التي أكدت على أفضلية الثورة السلمية على تلك المسلحة لناحية عدد الضحايا وحجم الخسائر ونسبة النجاح والإنتقال إلى نظام ديموقراطي بدل نظام ديكتاتوري آخر؟؟ لقد عرضت هذه الدراسات في أكثر من فيديو أغلبها نشر على هذه الصفحة
الأمر نفسه ينطبق على أي قول أو مناداة طائفية أو مناطقية، من الناحية الأخلاقية (هي بديهية برأيي) من المخجل أن ننعت إنساناً بنعت، خاصة إن كان سلبياً، فقط بسبب إنتماءه لتلك الطائفة أو ذاك الدين أو تلك المنطقة… إنه أمر غير أخلاقي وغير مفيد وسوف ينعكس سلباً وبشدة في مرحلة بناء دولة ما بعد سقوط النظام
رغم رفض بعض من هم على الأرض في الداخل لما أنا مقبل على قوله إلا أنه حقيقة يعلمها الكثيرون
نحن نشعر بكم، ونتألم كما تتألمون، ولنا أهل وأحباب في الداخل تحترق قلوبنا عليهم، ونريد أن ننتهي مما نحن فيه كما تريدونه أنتم… نريده بالطريقة المثلى
أرجو أن تفهم هذه الكلمات كما أردت لها أن تفهم، وأن تنال الوقت الكافي للإطلاع عليها والتفكير الموضوعي بشأنها
دمتم بسلام
رجا: كاتب سوري