كلمة رياض الترك في مناسبة إعلان المجلس الوطني السوري
منذ بداية تفتح الربيع العربي، وتصدع جدار الخوف في تونس ومن ثمّ مصر، كان واضحاً لكل ذي بصيرة أن رياح التغيير ستطرق أبواب السجن السوري الكبير، وأن سورية لن تكون بعد اليوم مملكة للصمت.
منذ سبعة أشهر وبنات سورية وأبناؤها يصنعون التاريخ بدمائهم وصمودهم وبطولاتهم، في ثورة شعبية سلمية هي واحدة من أهم ثورات العرب في تاريخهم الحديث. لقد أثبت الشعب السوري، بمختلف فئاته، أنه قرر استعادة وطنه من براثن المافيا العائلية المتسلطة، وأن شعار ثورته هو اسقاط النظام الاستبدادي، ومحو عاره، ومحاسبة السفاحين والقتلة الذين أذاقوا الشعب الهوان طوال أربعة عقود.
منذ البداية خطّ الشباب الثائر أهداف الثورة السورية، وكان جلياً أن شرط بناء تحالف بين مختلف قوى المعارضة هو تبني الشعار الذي أطلقته الثورة، وأن لا تنازل ولا مفاوضات حول هدف إسقاط نظام الاستبداد وإنهاء اغتصاب الجمهورية الوراثية للسلطة، وأن لا مكان لرموز النظام الذين تلوتث أيديهم بدماء الشعب في سورية الجديدة والحرّة والديموقراطية.
واليوم نعلن ترحيبنا بولادة المجلس الوطني السوري، وندعو جميع قوى الثورة للتوحد حول شعار إسقاط النظام، وبناء نظام ديموقراطي مدني، يرفع المظالم عن الشعب، ويكون في خدمة الحرّية التي هي هدفنا الأسمى.
المعركة طويلة مع نظام يتغوّل معتقداً أنه يستطيع كسر إرادة الشعب عبر القتل والقصف والتعذيب والاعتقال. وهي معركة إرادة وإيمان بأن الشعوب لا يمكن أن تُهزم، وأن الاستبداد الأسدي الى زوال.
الشارع ملك الشعب، والحرية تولد في الحناجر والأيدي المرفوعة والقامات الشامخة، والأرض التي رويناها بدماء شهدائنا صارت اليوم ملك الشهداء وإرث الأحياء الذي لا يمكن لأحد أن يفرط به.
ثورتنا سلمية وشعبية، ترفض الطائفية التي يحاول الاستبداد الاحتماء بها. الشعب السوري واحد، ولا يمكن لأحد أن يكسر وحدته. ألمنا واحد وآمالنا واحدة ومستقبلنا واحد.
النظام في احتضاره الطويل يستخدم كل حقده على الشعب، معتقداً أنه يستطيع استخدام الجيش أداة لسفك الدماء. الجيش جيشنا، ومن واجبه اليوم أن يصون سلاحه عن ارتكاب المحرمات، فهذا السلاح وُجد للدفاع عن الوطن وليس لاستباحته، وجنود الجيش وضباطه الشرفاء يعلمون أن حمايتهم لوحدة الجيش تمرّ عبر حماية الجيش للشعب، وأن يد الشعب الممدودة الى الجيش تنتظر يد الجيش الوطني، كي ننقذ سورية معاً من كابوس الاستبداد.
نحن على موعد مع الحرية، وهي باتت على الأبواب، فليتحد الجميع في الفعل والنضال كي نستحق هذا الوطن، وتكسر سورية أسوار سجنها وتلتقي.