لقاء وفد المعارضة السورية بلجنة حقوق الانسان والمساعدة الانسانية في البرلمان الالماني – بندستاغ
ضمن نشاطاتها الفكرية نظًمت مجموعة من الشخصيات الكردية المستقلة و بالتعاون مع حزب الخضر في ولاية زاكسن السفلى لقاء هو الثاني لشخصيات من المعارضة السورية في المانيا مع لجنة حقوق الانسان والمساعدة الانسانية في البرلمان الاتحادي ـ بوندستاغ، و ذلك في الاول من تموز (يوليو) 2011، و الذي صادف اليوم الاول لتسلم جمهورية المانيا الاتحادية رئاسة مجلس الامن الدولي. اللقاء حدث اياما قلائل قبل عقد البرلمان الاتحادي لجلسته المرتقبة، حيث تضمن جدول عمل اللقاء اراء المشاركين في الوضع السياسي في سورية، و مطالب الوفد الضيف من لجنة حقوق الانسان و المساعدة الانسانية التابعة للبرلمان الالماني الاتحادي. كما تضمن رؤية الحضور في افاق و سبل حل الازمة في البلاد.
:طروحات وفد المعارضة
عكس تشكيل وفد المعارضة السورية الى حد كبير فسيفساء المجتمع السوري، تثمل بشخصيات وطنية ديمقراطية منتمية لمختلف التيارات السياسية والفكرية من كوادر باختصاصات علمية متنوعة مقيمة في المانيا، ينتمون الى سائر مكونات المجتمع السوري بأطيافه الاثنية و الدينية و المذهبية، نساء و رجالاً( كرد، سريان، وعرب للثقافات المسيحية، و المسلمة سنية و علوية. بداية سعى اعضاء الوفد الضيف لإعطاء صورة عن جوانب الازمة و خلفياتها التاريخية و المعاصرة، ابتداء من سيطرة حزب البعث على السلطة عن طريق انقلاب عسكري دموي عام 1963،مرورا بممارساته القمعية و الاجرامية على مدى تفرده بالسلطة لمدة ثلاثين عاما، بشار و أقرباءه من بعده و استمرار ذات سياسة الجرام و القمع، و انتهاء بالثورة السورية. واكد الحضور انه انطلاقا من هذا الخطأ البنيوي و استمراره على مر أكثر من أربع عقود، ليس بمقدور الطغمة الغاصبة للسلطة فهم الازمة الحالية و ابعادها، ولا التفكير الجدي في ايجاد حلول لها. هذا كان جليا بالأسلوب الذي تبنته السلطة لحل الأمة، و هو استخدام نفس أدوات القتل و الارهاب التي استخدمها الأسد الأب في ثمانينات القرن الماضي.
ونظرا لتمادي اجهزة الامن و الشبيحة في القتل اليومي و المنًظم و بدم بارد للمتظاهرين السلميين العزل، ارتأى المتحدثون الطلب من البرلمان الالماني التدخل لدى السلطات السورية و العمل على الوقف الفوري لنزيف دم الشباب الثوري السوري والمتظاهرين من جهة، ومن جهة اخرى وقف نزيف دماء الجنود الشباب الرافضين لإطلاق الرصاص على المتظاهرين السلميين، و الذين يقتلون على ايدي اجهزة الامن وميليشيات السلطة المجرمة بشهادة الجنود الفارين من الجيش.
اشار المتحدثون الى ان أعداد الشهداء تجاوز 1600 شهيدا، والجرحى بالآلاف والمعتقلين ووفق لجان حقوق الانسان السورية و العالمية تجاوز تعدادهم 14000. اما المشردين الى خارج سورية فقد بلغ تعدادهم 15000 اضافة للنازحين الى المناطق الحدودية و الى قرى وبلدات اخرى داخل البلاد هربا من بطش الاجهزة الامنية وشبيحة النظام. و لوضع نهاية لهذه الاعمال اللاإنسانية طالب المعارضون السوريون ممارسة ضغوط دبلوماسية اكثر على النظام في سورية، بثبات في الموقف دون تذبدب، لإيقاف القتل اليومي للمتظاهرين السلميين، والذين يتجاوز اعدادهم الثلاثة ملايين متظاهر ايام الجمع من كل اسبوع، حيث تعم المظاهرات كل المدن السورية متحدًين بصدورهم العارية آلة قمع السلطة و دباباتها، منادين بالكرامة والحرية و اسقاط النظام.
ولكي لا ينجو القتلة من العقاب طالب المتحدثون السوريون بإرسال لجان حقوقية عالمية والمانية بما فيها اللجنة المضيفة للوقوف على كل الجرائم و المجازر المرتكبة للمساعدة على توثيقها و التحقيق فيها، ومن ثم تقديم الجناة الى المحاكم بما فيها المحاكم الدولية. اما في اطار المساعدة الانسانية فقد طلب الحضور تقديم مساعدة عاجلة للنازحين الى الدول المجاورة. وعلى الرغم من قناعة الطرفين من ان النظام سوف لا يسمح بأية مساعدة للنازحين او الجرحى في الداخل فقد اكدوا العمل على محاولة ايجاد حل لمآسي الجرحى اللذين يتداوون في بيوتهم في ظروف صحية ومادية لا تطاق. كما لم ينس الوفد سجناء الحرية وسجناء الرأي وخاصة من الشباب الثائر و المناضل لوضع نهاية للدكتاتورية.
وأكد الجانب السوري انه اذا لم يستجب النظام لنداء العقل و لم يوقف جرائمه و استمر في غيه، عندئذ لا بد للبرلمان الالماني و المؤسسات المدنية الالمانية من مساعدة الشعب السوري في الضغط على روسيا والصين والدول الاخرى التي تحمي النظام السوري في التخلي عن موقفها اللاإنساني تجاه الشعب السوري. واتخاذ عقوبات ديبلوماسية رادعة بحق الطغمة الحاكمة في مجلس الامن، لأن اعمال النظام الوحشية ضد شعبها تقع ضمن خانة (الابادة الجماعية و جرائم ضد الانسانية). وقد حرص الوفد الضيف و كذلك المضيف على التأكيد على ضرورة تجنيب الشعب المناضل من اجل الحرية و الكرامة تبعات أية عقوبات محتملة قد تفرض على النظام.
هذه هي الطروحات ووجهات النظر التي عرضت من قبل الوفد الضيف والمكوًن من احدى عشرة شخصية وطنية معارضة ومن ضمنهم المحضًرون للقاء، حيث تمكن كل واحد من الادلاء برأيه خاصة الشباب. كما سلًم الوفد ملفا الى الجانب الالماني متضمنا مذكرة فيها نفس الافكار والمطالب آنفة الذكر. اضافة الى رسالة من اتحاد التنسيقيات الشبابية في سورية و تقارير من مؤسسات حقوقية سورية و عالمية حول الانتهاكات لحقوق الانسان في سورية، و الى ورقة تناولت وضع الكرد و دورهم التاريخي و الحالي في سورية. و ان الكرد يرون ان مستقبلهم و حريتهم في سورية ديموقراطية.
:الحضور من الجانب الالماني
حضر اللقاء رئيس لجنة حقوق الانسان و المساعدة الانسانية البرلماني عن كتلة الخضر السيد توم كونيغس. و عن الحزب الاشتراكي الالماني شاركت البرلمانية السيدة انجلكيا غراف. اما حزبي الديمقراطي المسيحي و الديمقراطي الاجتماعي فمثلتهم السيدة بياتة فورمباخ. اما السيد الدكتور كونار ديكوج فقد مثًل البرلمانية الاتحادية عن الحزب الديمقراطي المسيحي من ولاية هيسين السيدة اريكا شتاينباخ. وهي عضوة في اللجنة المضيفة. حضر اللقاء ايضا مدير مكتب اللجنة السيد روبرت بوشير. وعدة مدوًنين ومهتمين من موظفي البرلمان الاتحادي ـ بوندستاغ. طبعا لم يغب عن اللقاء السيد لوثر شليكاو رئيس مجلس مدينة هانوفر، ممثل حزب الخضر والذي جلس في صف الوفد الضيف.
:مداخلات واسئلة الطرف الالماني
لقد ابد الجانب الالماني، كما في اللقاء الاول في 27 ايار 2011، اهمية بالغة لكل ما طرحناه. فقد دوًنوا ما قيل، وطرحوا اسئلة حول الاوضاع الحالية السائدة في البلاد مبدين قلقهم وتضامنهم مع الشعب السوري وخاصة الشباب منهم كونهم يشكلون الرافعة الاكيدة للتغيير وبناء الديمقراطية. كما عبروا من خلال اسئلتهم عن استنكارهم لوحشية النظام و جرائمه، و عن عمق قلقهم لأوضاع الهاربين في الداخل و الجرحى منهم اكثر منه لوضع اللاجئين في الخارج، خاصة بعد ان تم وضعهم في صورة الاوضاع وكشف حقيقة النظام الدموية. و تناولت اسئلتهم التطورات و السيناريوهات الممكنة والمحتملة لتطور الامور في سورية مبدين عدم تفاؤلهم في التصرف بحكمة من قبل النظام نظرا لمعرفتهم هم ايضا ببنية النظام الدكتاتورية. أيضا تطرق رئيس الجنة الى قضية عقد اجتماع لشخصيات مستقلة في دمشق ثم تساءل عن امكانيات الحوار و الاصلاح و كان رد المعارضين هو ان النظام غير جاد في طرحه لقضية الحوار كونه مستمر في محاولة خداع المواطنين و العالم برواية مجموعات مسلحة ولا يعترف بالأزمة و ذلك لتبرير الحل الامني. واكدوا على ان النظام غير قابل للإصلاح و انه لا بد من اسقاطه.
في الختام شكر السيد توم كونيغس رئيس اللجنة المضيفة ما سماها هو (مبادرة هانوفر*) و بينهم ممثلي الحزب الخضر الالماني في الولاية و ثمّن عملهم الهادئ القيم و شكرهم على حسن اختيارهم لشخصيات تعكس حقيقة المجتمع السوري بأطيافه و مكوًناته. كما اكمل حديثه شاكرا كل اعضاء الوفد الضيف على ما قدموها من اراء اتسّمت بالشفافية و روح المسؤولية و حب الوطن. وعلق على بعض الآراء حول الاختلافات لدى المعارضة قائلا: ها نحن الالمان ايضا مختلفون في آرائنا، فما بالكم انتم المقموعون لدهور؟ ثم اضاف انكم و على الرغم من اختلاف خلفياتكم السياسية استطعتم اعطائنا صورة رائعة عن وحدتكم و هذه الوحدة هي سرّ قوتكم ونحن معكم لخدمة شعبكم، و ركز على أهمية وحدة المعارضة في الأهداف و التطلعات الأساسية للثورة.
واكد مرة اخرى على استمرارية العمل مع (مبادرة هانوفر) و ممثلي الشعب السوري ووعد بنقل كل ما قيل الى البرلمان في جلسته القريبة القادمة. شكر اعضاء الوفد السوري بدورهم الاصدقاء الالمان على حسن الاستقبال والاستماع وعلى تضامنهم و مشاعرهم الانسانية تجاه الشعب و الشباب السوري في محنتهم . ثم ختم اللقاء بأخذ صورة تذكارية مشتركة للمشاركين في اللقاء من الجانبين.
مجموعة مبادرة هانوفر*