*ما زلتَ وحيداً – عائشة أرناؤط

Article  •  Publié sur Souria Houria le 9 mai 2012

 

 ما زلتَ وحيداً تعتنق شعاع شمسك. الغبار الأرضيّ يحشو بآلامك وسائده الوثيرة، يزيّن بأشلائك طنافسه في القاعة ذات الحدوة، حيث يريقون ماء وجوههم لغسل آثار القرابين على المذبح. فكم من ماء الوجوه عليه أن يراق وفي كل ثانية ضحية بعد ضحية، شلوّ ممزق فوق شلو؟
العيون تتعامى. العين المتفجرة في محجرها وحدها تشهد.
فكم هناك في الأعالي من أجرام ترتعش رعباً، وكم من الكواكب تشكر الكون لخلوها من هجين الوحوش والكواسر !
مازلتَ وحيداً تتنكب الكفن وتسير نحو حتفك المُضاء. وكنتَ تعرف. وكان نداؤك المبحوح يدرك أن ارتداد الصدى سيكون دماً فوق دم.
دم ـ ماء في كأس مقدسة لعشاء الأجيال القادمة.
دمك المهدور يَهدُر تحت أنظار الصفاقة الدولية في هرولتها نحو سلالم العفن والمزاودات. بوصلة اللامنطق تغطي وجه العالم، بينما وردة الرياح الأولى بين يديك تهديك في متاهة الغياهب إلى منابع النور.
هاكم خريطة جسده فازرعوا فيها دبابيس مآربكم الداثرة، ومارسوا الدوس، مهما فعلتم سيكون وهماً. جسده ـ الأرض فوق مستوى أرضكم، فوق متناول أحلامكم الخنثى.
ها كم أسماء أعضائه، فمن يريد أن يتعلم لغة الحرية فليتقدم. ومن يريد أن يُدلج جهلاً في جهالة ستصيبه الحرية بالحُبسة، عندئذٍ ستعجز عن لفظها شفاهُه.
ستكون لفظة محرمة لمن يتجاهل مكنونها، ثمنها، ينبوعها، تضاريس جراحها. ستكون جذر أبجدية السِّر الناطق في الحناجر المقتلعة التي مازالت تغرّد.
جلادك متعدد الوجوه، جلادك المُضاعف، جلادك… جلادوك…
العواصم تطلق ألعابها النارية سياطاً من اللهب على جلدك المشرق، لكنك هنا، وإكسيرك فيك، في خضاب دمك، لكنك أنت… تعتلي مصيرك، تعلو على مصائرهم… تعلن مصير العالم .
* شاعرة من سورية تقيم في باريس

*من ‘رسائل إلى شعبي’ 

http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today%5C08qpt896.htm&arc=data%5C2012%5C05%5C05-08%5C08qpt896.htm: المصدر