مشروع ميثاق شرف للمعارضة السورية: لا يكفي ان تكون معارضا سوريا لتكون على حق – *فادي عزام
(لا… نحن لسنا راضين ولن نكون راضين حتى تتدفق العدالة كالينابيع والاستقامة كالنهر العظيم)
مارتن لوثر كينغ
1- لا يكفي ان تكون معارضا لتكون على حق. لا يكفي أن تكون معارضا لتستخدم اللغة الطائفية وإثارة الكراهية .. لا يكفي ان تكون معارضا كي تمتلك الحق بتوزيع الوطنية وسحبها عمن يخالفك الرأي والعقيدة والفكر.
ورفضك للطائفية والمذهبية هو رفض قاطع ونهائي يدين كل من يقوم به، بشكل مباشر أو غير مباشر.
2- لأنك معارض للكذب والتزوير والقتل وإهانة الشعب السوري، لأنك تختلف عن النظام بأخلاقك وقيمك وعدالة ما لديك .. فكن أنموذجا راقيا، كن صوت الحق والحقيقة فلا تبالغ ولا تختّلق لترد على المبالغات والاختلاقات.
3- ولأنك معارض سوري فبوصلتك هي سورية وارتباطك هو سورية وأنك تقّسم وتتعهد بشرفك ومعتقدك على أنه لا يمكن أن تستخدم لأي جهة خارجية، وأي أجندة غير سورية، تحت أي مسمى أو أي حجة أو تبرير.
4- لأنك معارض سوري فأنت القدوة لسورية الحرة فأنت مؤتمن على حفظ مرافقها العامة لأنها لك ولشعبك. وإنك تجافي أي حقد شخصي وتنحاز فقط لكل وطنك وقومياته وطوائفه وأفكاره حتى التي لا تتفق معها.
5- لأنك معارض سوري وانتفاضتك سلمية، فأنت تؤمن بأن ‘العين بالعين يجعل العالم أعمى’، وإن الرد على استخدام القمع والوحشي هو بالخروج السلمي، وإن كل من يحمل السلاح هو عدو سورية الحرة، وكل من يرد بالعنف هو عدو الشعب السوري وانتفاضته الاشرف والأنبل. وحقك بالدفاع عن النفس تحفظه لك كل القوانين الدولية والمعايير الأخلاقية ولجوؤك إليه هو في حالات تعرضك أنت وبيتك وأسرتك لخطر يهدد حياتكم.
6 ـ لأنك معارض سوري يعني أن تمتلك أنبل القيم الأخلاقية في الحياة وتواجه جميع الأعداء في الداخل والخارج وعلى كل الجبهات ولكن هذا لا يجعلك تيأس أو تخاف، تتراجع أو تهادن فما زالت انتفاضتك سلمية، وطريق الحق الموحش، سيقود بلدنا إلى أرض الحرية التي تليق بسورية.
7- ولأنك معارض سوري فأنت بالمطلق معارض لكل تدخل عسكري في بلدك أي كان مصدره أو سببه أو تحت أي حجة أو ذريعة كانت. وإن صراعك الوجودي مع ‘الكيان الصهيوني’ أولوية لا تحيد عنها. وإن النظام الذي أرتكب المجازر بحق شعبه من خلال الحل العسكري الامني والاستعانة بقوى اقليمية هو من سيفتح الطريق امام التدخل العسكري في بلدك. وترفض بكل قوة الانجرار خلف أي شخص او فرد مهما كان فالأفراد زائلون وسورية الولادة بالأفكار والحياة باقية وعبادة الفرد انتهت بإمبراطوريات عملاقة إلى التحلل والنسيان.
8- ولأنك معارض سوري فأنت غير قابل للاستخدام لتصفية حسابات خارجية مع النظام، وأنك إذ تعتب على المقاومة الوطنية اللبنانية والفلسطينية والشعوب العربية خفوت صوتها وحيادها وصمتها على دماء الشعب السوري فأنك لا تسمح لأي جهة أخرى باستخدام انتفاضة الشعب السوري كمطية لتصف حسابات مشبوهة مع حركات التحرر الوطنية وتساند كل القضايا العادلة للشعوب العربية ونضالها لتخلص من الظلم والاستبداد ونيل الحرية.
9 – ولأنك معارض سوري، يعني أن تكون صادقا شهما أبيا لا تستخدم لغة النظام ولا أساليبه في التخوين والتضليل، وتقدم الصورة الأبهى الأخلاقية والإنسانية الجامعة التي تنكر الذات الفردية والحزبية والأقلية لصالح الوطن الأم بكل مشاربه وأطيافه وأفكاره وعلى رأسها تلك التي تختلف معها.
10- ولأنك معارض سوري، فانك بالمطلق مع كافة الحقوق الوطنية لفئات شعبك وأقلياته وفئاته ومشارب وترفض أن يتم تغيبهم تحت أي مسمى أو أدعاء وأنك بما لا يدع مجالا للشك، مع تضمين الحقوق المدنية والثقافية الكاملة لإخوانك السوريين من كل القوميات، فسوريتهم تخولهم أن يكونوا شركاء كاملين في كل قضايا الوطن. وثقافتهم وقوميتهم هي إغناء لشخصية بلدك، والظلم الذي وقع بحقهم بحجج واهية وشعارات فارغة إزالته واجبة على كل سوري.
11- أن تكون معارضاً سورياً لا يعني ألا تتطرق لمحاسبة المتطرفين والشاذين عن سياق الانتفاضة وألا تعترف بوجودهم وتفضحهم وتدينهم حين يقومون بأي عمل يسيء لسلمية الانتفاضة او يحرفونها عن أهدافها النبيلة فإن من يتطرف ويحرض ويقتل تحت أسم الانتفاضة السورية هو أول من يذبح شهداء الحرية ومحاسبته واجبة مثله مثل اي مجرم أخر.
12- ان تكون معارضا سوريا، فهذا يعني ان تكون العدالة الاجتماعية ثابتا وطنيا والديمقراطية الحقيقة مطلبا جوهريا، وسورية المدنية الديموقراطية الدستورية التعددية التي تحترم حرية الاعتقاد مهما كان وتؤمن بالحرية والمساواة والإخاء والسلام لكل السوريين هي التي تناضل من أجلها وتدافع عنها.
13- إن دماء الشهداء السوريين الذين قاربوا اليوم نصف شهداء الاستقلال هي دماء مقدسة لا مساومة عليها وإحقاق العدالة بمن تسبب بها واحد من أبرز مطالبنا الشعبية والأخلاقية وإن صوت الانتفاضة وشبابها في سورية ونضالهم السلمي الشريف هو الوحيد صاحب الحق والقرار بقيادة حراك الانتفاضة وكل ماتبقى هو لحمايته وخدمته والشد من عزيمته.
وبناء عليه نطالب كل الأحزاب والمنظمات والإفراد والهيئات والجمعيات والمعنيين بالتكلم باسم المعارضة السورية التوقيع على هذا الميثاق والالتزام الأخلاقي به وإسقاط الشرعية عن كل خطاب أو تعليق أو تصريح يفت من وحدة السوريين ويحرض على العنف، ويستخدم الانتفاضة السورية الباسلة كمطية لانتقام وتصفية حسابات لصالح أطراف خارجية أو داخلية تحت أي مسمى. وفضح أصحابه أيّاً كانوا وأينما كانوا. نؤكد إن المؤتمرات الخارجية التي قامت بها المعارضة مشكورة كانت نتائجها ضعيفة وبلبلت الشارع السوري، وإنها لم ترتق إلى مستوى الطموح والتعاضد، فلأسباب كثيرة، ما زالت هذه المعارضة تفكر بعقلية ضيقة وبنزعة قيادية تنشغل عن انتفاضتنا البطلة بتفاصيل جانبية، وتفتقر للشجاعة الأخلاقية لتوحيد الصفوف والتنازل عن الأيديولوجيات والحسابات الضيقة والتحلي بمواصفات القيادة التي تليق بشعبنا العظيم وأهمها الإيثار وإنكار الذات لصالح سورية العظيمة.
ملاحظة هامة:
عملت طوال شهر تقريبا على إيجاد صيغة لميثاق شرف أخلاقي يجمع المعارضة السورية، بعد ان تفشت في أوساطها ثلة من المرتزقة والانتهازية، وبدأت قوى مختلفة تستقطب شخصيات موتورة مهزوزة، هدفها التشويش على صورة الانتفاضة ورمزها ورمزيتها. مر هذا الميثاق على العشرات من الأصدقاء والجمعيات والشخصيات، أغنوه بملاحظاتهم وأفكارهم وكان لكل منهم رأي فيه. حاولت صنع توافق بين الجميع، ولكن وجدت إنه من الصعب الوصول إلى صيغة جامعة كاملة. الشيء الايجابي هو إن الخلافات ليست بالجوهر وإنما بتفاصيل بسيطة، بعضها تفاصيل جوهرية. لذلك وجدت أن لا ألزم أحدا به وأنشره بشكل شخصي، كمواطن سوري كيف أرى المعارضة وأشخاصها ومواقفها. فاقتضى التنويه.
*كاتب من سورية