من أجلك يا مدينة التاريخ أثور – د. الياس وردة
حلب ياحبيبتي، من جامعتك تخرجت وإليك أحنّ… كم كنت أود لو أحميك وأفديك لأنك جزء من ثورتي ومن حبي لسوريا…كم أحسَست بالصدمه في كل خلية مني وتمنيت لو أتحول إلى طائرة إنتحاريه تبيد القصر اللاجمهوري وحاشية الفساد المافيوية والأفاعي السامه المختبئه فيه… وأفتح عيني وأرى أني لوحدي مع كلماتي ومشاعري التي لا تفيد شيئاً.. بينما شباب الحرية الحمراء شباب النور والمعرفه شباب الشجاعه والوطنيه الذين تحملوا المخاطر ليتابعوا دراستهم ويقدموا امتحاناتهم ظانين أن الطغاة لن يأتوهم بأذى، ولم يحسبوا أن المرفأ نفسه كان قاتلا ومجرما
يحاول نظام الفساد والإرهاب أن يظهر قوته ويرعب سوريا الثوره باصطياد شبابها وشاباتها في فخ نصبه لهم في الحرم الجامعي وأرسل طائراته وطياريه الذين فقدوا كل انتماء للوطن السوري ليقذفوا سمومهم المميته والحارقه على كل معالم الحياة فيه… لا لن أعذر ولن أسامح لن أتردد عن اعتبار هؤلاء الطيارين الذين يقذفون سموم سيدهم ويقتلون يدمرون ويصطادون زهوراً شذاها يبعث الأمل بمستقبل الوطن…أجل أعتبر هؤلاء الطيارين بمثابة مجرمي حرب، مثلهم مثل سيدهم القابع على متن سفينة روسية يسكر على أشلاء شعبه… لن أستثني أحدا منكم وسنحاكمكم فردا فردا وتنالون العقاب الذي تستحقونه،باسم الشعب السوري.
لن أسامح طياراً سوريا يقصف شبراً من أرض سوريا فكيف وأنه يفعل ذلك ضد :
ـ طالبي رغيف الخبز ليطعم الناجي بأشلاء من استشهد
ـ أو محطة وقود قَدِمَ إليها من جمّد البرد أوصاله وأوصال أطفاله وأوصال أحبته. لقد قَبِلَ هذا الطيار أن يطعمهم للنار بدلا من أن يدفئهم،
ـ أو تلك الغادة السوريه التي تنشد العلم في جامعاتها وقدِمت ورفيقها لتقديم الامتحان.
لا لن أسامح هؤلاء القتله من الطيارين السوريين الذين تحولوا من نسور الجو السوري الذين يحمون سماء سوريا وشعبها من غدر الأعداء إلى غربان عطشى للدم السوري.
كيف تلوثتم جميعا بفيروس المافيا الأسدية ونسيتم أنكم أقسمتم يمين الولاء للوطن وليس للأسد؟
تبّاً لكم هل فكرتم أن لعنة الشعب السوري وشهدائه الأبرار ستتبعكم إلى مالا نهاية ؟
هل نسيتم أن أولادكم سَيُعَرّفون بأولاد القتله، وبما ورثّتموه لهم من إرث القتل وسيقال عنهم أولاد المجرمين والقتله. حتى أولادكم سيلعنونكم على هذا الإرث وسيتمنون أن يستشهدوا لوطنهم ليغسلوا العار الذي ألحقتموه بهم وبأحفادكم وأحفاد أحفادكم… ذاكرة الوطن والأمه لن تنسى ماتفعلوه من أجل حماية عصابه مافيويه أخضعت سوريا للفرس والروس وحتى للشياطين، إن وُجِدوا، من أجل البقاء في السلطه ولو تحولوا، هُم، إلى عبيد يقيمون في قصر جمهوري.
لن ينفعكم شيئا فثورة الشعب ستبقى سائرة في طريق النصر لتحرّر سوريا شبرا شبرا، وتطهرها من رجسكم، بدماء طلابها وفلاحيها، بدماء نسائها ورجالها، وبدماء صغارها وكبارها
ذكرني قصف جامعة حلب ببيان مؤسِس الجمهورية الوراثية الطائفيه والمافيويه عندما كان وزيرا للدفاع وقائدا للقوى الجوية السوريه في نهاية حرب حزيران والهزيمة صارت محتومه. كنت شاردا بأفكاري، ليس في كتب البكالوريا وإنما بفاجعة الهزيمه، وأنا بين دوالي العنب أفكر وإذ براديو دمشق يعلن بيان حافظ الأسد والذي يطلب من الجيش في جبهة الجولان بالانسحاب الكيفي لأنّ ماسمّاه البيان ب »رأس الأفعى » (ويقصد الجيش الاسرائيلي) قد دخل عاصمة الجولان و أصبح، بالتالي، يهدد خطوط الجبهة وجيشها بالحصار والإباده. وانسحب الجيش السوري آنذاك ونفذ أوامر قائده حافظ الأسد دون قتال واكتشفنا بعد ذلك أن القنيطره لم تسقط إلا بعد ثلاثة أيام من بيان وزير الدفاع السوري! أورد ذلك بمناسبة استشهاد جامعة حلب وطلابها بسموم العصابة الأسديه والتي حوّلت نسر الجو السوري إلى أفعى طائره تقذف سموم موتها على أرض سوريا وشعبها. لقد عاد تعبير بيان وزير الدفاع السوري في حرب حزيران 1967 : « رأس الأفعى » وعرف العالم أن البيان كان كاذبا وأن الجولان قد تمّت مقايضته للوصول إلى السلطه وأن رأس الأفعى التي تحدث عنها بيانه تبيّن لي أنها هي رأسه هو وأن ورثته ليسوا إلا أفاعي مافتئت تبث سمومها في جسد سوريا الحضارة والتاريخ منذ مايزيد عن ثلاثة وأربعين عاما. ولكننا اليوم نقاتل عصابة الأفاعي السامه وانتفضنا وجعلنا رنّة البارود وزنا وعقدنا العزم أن تحيا سوريا، فاشهدوا فاشهدوا يابني قومي
نحن ثرنا من أجل أن تحيا الحضارة السوريه، وأن يحيا الشعب السوري العظيم وقِيمِه الخلّاقه من تسامح وبناء وعطاء للإنسانية جمعاء.
إني أقول أنه إذا كان سموم ثلاثة وأربعين عاما لم تستطع أن تمنع اندلاع الثوره فإنه البرهان القاطع أن شعبنا بطل وقادر على الصمود، لِما تبقّى من وقت ليُسقِط هذا النظام، وقت لم يعد طويلا بتقديري.
أطالبكم، أناشدكم وأناشد كل سورية حره وكل سوري حر، باسم سوريا الجريحه وشهدائها، باسم شهداء الخبز المعجون بالدم.. باسم من احترق جسده في محطات الوقود ليدفئ أحبابه وهم يواجهون ضراوة الشتاء، وباسم حرائرنا، تلك اللواتي دفعن من شرفهن ليكون لسوريا وشعبها كرامة لا تُنتَهك، باسم أطفال ونساء وشيوخ وشباب ذبحوا من الوريد إلى الوريد، وروت دماؤهم أرض الآباء والأجداد، واليوم أضيف مناشدتي باسم رمز العلم والثقافة والمعرفه وشهدائها، وباسم جامعة حلب الشهيده، بأن تنبذوا خلافاتكم وتضعوها جانباً وأن تعملوا بقلب واحد وروح واحده وهدف واحد، من أجل نجاح الثوره ونصرها، من أجل الحرية والكرامة والمواطنه، من أجل سوريا النور والعلم والمعرفه.
اليوم وغدا في سوريا الثوره لا فرق بين سوري وسوري إلا بما يقدمه يقدّمه كل منهما لخدمة سوريا ونجاح ثورتها
عاشت سوريا حرة أبيه، وعاشت الثورة السوريه من أجل الحرية والكرامه…
والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار
د. الياس ورده
أستاذ جامعي وباحث في العلوم الفيزيائيه، جامعة باريس، فرنسا
ملاحظه: أشكر الناشطه H-J لقرائتها النقديه للمقال ولملاحظاتها القيٌمه