من يحتاج « جنيف2 » فعلاً؟ – منار الرشواني
رغم ترحيبه بالاتفاق الروسي-الأميركي لعقد مؤتمر دولي بشأن سورية « جنيف 2″، استناداً إلى الرؤية الروسية المتمثلة في « إعلان جنيف » الصادر في العام 2012، يشكك بشار الأسد في إمكانية تحقيق المؤتمر نتائجه. وهو تشكيك لا بد وأن يُقرأ في سياق رفض الأسد الاستراتيجي لإعلان جنيف، كونه لا يعني في حال تطبيقه فعلاً إلا نهاية النظام، أو نهاية حكم آل الأسد على أقل تقدير. وهو كان قد قرر الذهاب بالحل الأمني في سورية إلى نهايته رفضاً لمطالب أقل وأبسط في بداية الثورة، ويوم كانت سلمية خالصة.
وحتى بافتراض خروج الأمر عن يد الأسد، فإن هذا الرفض الاستراتيجي يمتد أيضاً إلى روسيا ذاتها، بعد أن بات من الصعب جداً عليها إقامة علاقة طبيعية مع أي بديل حقيقي لنظام الأسد. إذ تدرك روسيا حتماً أنه حتى المواطنون السوريون الذين لم يريدوا تغيير النظام، ويتخوفون من البديل، يتساءلون عن السبب وراء سماح موسكو بإيقاع كل هذا الدمار بسورية، وهي التي كان من الممكن أن تقوم بدور سياسي إيجابي يوفر على سورية وحتى نظام الأسد الكثير جداً من الدماء، ومن الخسائر الاقتصادية والاجتماعية التي بات من المستحيل تخيل حجمها، ناهيك عن تعويضها! ولذلك، يمكن تفهم تزايد الدعم الروسي للأسد، سياسياً وعسكرياً، بشكل غير مسبوق منذ اندلاع الثورة، وحتى مقارنة ربما بالفترة التي سبقتها.
تجاوز نقطة اللاعودة، كما في الحالة الروسية، يبدو أشد وطأة بالنسبة لإيران، وهي التي تورطت في الدم السوري مباشرة، وطائفياً عبر وكلائها في لبنان والعراق، فصار استمرار وجود طهران ونفوذها في المشرق العربي رهناً ببقاء الأسد شخصياً، حتى إلى ما بعد انتخابات الرئاسة العام 2014، تماماً كما يبدو المخطط الروسي.
وفي التورط الإيراني يبدو جانب من انعدام المصلحة في الوصول إلى حل للأزمة السورية لدى أغلب من يسمون « أصدقاء سورية »، والذين يسيطرون على المعارضات السورية، إلا من رحم ربي، تمويلاً وتسليحاً وتوفير منابر إعلامية. فسواء صح أم لا استنتاج أو أمل البعض في أن تغدو سورية فيتنام إيران، فإن اقتتال إيران وحزب الله من جهة، و »القاعدة » وغيرها من جهة أخرى، على الأرض السورية، هو بمثابة ضرب عصفورين بحجر واحد، أو في الواقع ضربهما ببعضهما. واستناداً إلى هذه الرؤية، يمكن تفسير السعي الغربي إلى إيجاد كل الذرائع لمنع تسليح المعارضة السورية، ثم التوقف عند شروط شكلية للموافقة على انعقاد المؤتمر الدولي، من قبيل مشاركة إيران من عدمها في المؤتمر!
عند هذا الحد لا يبقى إلا فريق واحد وحيد يحتاج إلى نجاح « جنيف 2 » فعلاً، وهو الشعب السوري. لكن الحقيقة المأساة هي أنه فيما يتحدث الجميع باسم هذا الشعب، فإن لا أحد بات يبالي به أو يمثله، نظاماً ومعارضة؛ سلمية أم مسلحة، فضلا عن كل دول العالم؛ عربية وغربية. ولذلك يُختصر هذا الشعب إلى مجرد أرقام تُحصى ضمن قتلى، وجرحى، ومعتقلين، ومفقودين، ونازحين، ولاجئين.. بدون أن تستثير أي مشاعر أو وخزة ضمير.