هجاء الطائفية – ناهد بدوية
لا طريق أمامنا إلا بهجاء الطائفية.. ليس لأنها بحد ذاتها شي بشع وقميء فحسب، وإنما لأنها أيضا تستخدم كوسيلة لإثارة غريزة القطيع لدينا..تستخدم لتسوقنا كالبهائم.. تستخدم كوسيلة وسخة لتحقيق نفوذ سياسي اقليمي ودولي، ولكن عبرنا نحن وبأيدينا نحن وبدمائنا نحن..تستخدم لردع فكرة الديمقراطية في المنطقة على نحو سافل، ولم يسبق لنذالة مشابهة أن مرت في التاريخ على ماأعتقد. والرد على هذه النذالة لايكون بقياس مدى طائفية كل طرف.. ولكن برفض هذه القذارة من حيث الأساس.
استخدمت هذه النذالة في العراق والآن في سورية.. الشيء المضحك أنه يوجد في العراق كتلة شيعية كبيرة وكتلة سنية كبيرة وبالتالي كان من الممكن أن يتم تصديق الكذبة على نحو أكثر عقلانية ومنطقية مما يحدث الآن في سورية. ولكنها كانت هناك أيضا كذبة فعلا. ليس لأن الشعب العراق كان نموذجيا ومنزها من الشعور الطائفي، ولكن لأن عملية زجه بالحرب الطائفية وإثارة أسوأ ماعنده صنعت بحرفية عالية من قبل الجميع، وذلك لمواجهة فكرة الديمقراطية المرعبة لكل القوى الدولية الفاعلة في المنطقة.
في سورية عدد الطائفة الشيعية قليل جدا.. ومع ذلك صار الصراع سني شيعي كيف؟ اعتبروا الطائفة العلوية شيعة .. ولبى ذلك رغبة دفينة عند البعض من هذه الطائفة بالتخلص من كلمة أقلية بالانتماء الى كتلة اقليمية كبيرة علها تحل مشكلة الشعور الأقلوي بالاضطهاد وحل لمشكلة الخوف الفظيع الذي استثير عنده .. وكذلك لبت هذه المحاولة عند البعض الآخر رغبة للحفاظ على الامتيازات الراهنة التي يتمتع بها .. وابتلت الطائفة العلوية ككل بهذا الاعتبار الذي أساء لها كما لم يسيء من قبل أي شعور أقلوي أو شعور سلطوي .. ومن هنا نتلمس معاناة سورية حالية من المرض وسوف تبقى لعشرات السنين لأنها كانت وسيلة للتحطيم الوطني، بدلا من العمل على الاندماج الوطني الذي كان قد بدأ قبل وصول حافظ الاسد إلى السلطة.. حافظ الأسد الذي كان وجوده في أعلى مراتب السلطة أحد أهم المؤشرات على بداية عملية الاندماج الوطني التي كانت تمر بها سورية في الخمسينات من القرن العشرين.. والذي بدأ هو نفسه بتحطيمها من جديد على نحو ممنهج ومنظم حتى وصلنا الى هذه الأيام.
لاتكمن مشكلة الطائفة العلوية بأنها اعتبرت من الطائفة الشيعية، فالشيعة طائفة مثلها مثل غيرها من الطوائف لا تمتلك ايجابيات ولا سلبيات اتجاه غيرها من الطوائف .. ولكن الإساءة لهم تكمن بأنهم نسبوا الى الطائفية الشيعية السياسية.. وسيلة النفوذ الاقليمي الإيراني.. وبذلك انفصل من آمن منهم بذلك، عن شعبهم وناسهم وبلدهم وصفاتهم الطيبة وصاروا أداة طائفية بحتة وكريهة، أساؤوا لأهلهم وطائفتهم بالدرجة الأولى، وأصبحوا لاوطن لهم.. واستجلبوا طائفيين مثلهم يقاتلون ضد الشيعة لاوطن لهم أيضا.. مثل ماحصل في العراق تماما.. وكلنا نتذكر بعض المجموعات المقاتلة في العراق التي كانت تترك الأمريكان وتقاتل الشيعة.
شيعة- سنة، كذبة كبيرة وقذرة في سورية يجب أن نخرج منها اليوم قبل غدا .. كذبة كبيرة ووسيلة لنفوذ اقليمي ولصراع اقليمي ودولي ولعب بدماء السوريين واللبنانيين والأهم من ذلك هو ترياق ناجح لقتل ثورة صرفت فيها طاقة ديمقراطية مايكفي لتجديد ديمقراطية العالم الشائخة.. وهذا مايدركه جيدا الديمقراطيون الحقيقيون في كل أنحاء العالم ولذلك فهم يتمزقون معنا ويقفون ضد حكوماتهم الداعمة للديكتاتور. لأن الطائفية هي ترياق ناجح أيضا لحماية مصالح المافيات الاقتصادية المحلية والعالمية وحماية الاستبداد في كل مكان في مواجهة فكرة الديمقراطية المرعبة لهم، لأن الديمقراطية تعني أن يدير هذا الشعب شؤونه ويكون هو المستفيد من ثرواته وموقعه الجيوسياسي!.
Source : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=363501