إيران بلا أسد – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 1 septembre 2012

بخلاف الحزم والتصميم الواضحين اللذين أبداهما القادة الإيرانيون، وتحديداً المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس محمود أحمدي نجاد، في افتتاح قمة دول عدم الانحياز، أول من أمس، بشأن التمسك ببرنامج إيران النووي، لزم هؤلاء القادة الصمت التام فيما يتعلق بـ »المؤامرة » التي يتعرض لها نظام بشار الأسد، حليفهم الأهم ولربما الوحيد في المنطقة، حتى بعد اعتبار ضيفهم الأبرز، الرئيس المصري محمد مرسي، ومن قلب طهران، ذاك النظام « فاقدا للشرعية ».
وقد احتاج خامنئي قرابة أربع وعشرين ساعة، واجتماعاً مغلقاً مع رئيس وزراء الأسد، وائل الحلقي، للعودة إلى ترديد أن « الولايات المتحدة وإسرائيل هما أبرز المسؤولين الخفيين عن الأزمة السورية » (وليس « المؤامرة » على نظام المقاومة والممانعة في دمشق، كما درج نظام الملالي على وصف الثورة السورية منذ انطلاقها).
وإذا كان من غير المنطقي تفسير التخلي الإيراني التام عن الأسد بـ »أدب الضيافة » مع الرئيس المصري، بالنظر إلى الدلالة المعنوية السلبية لهذا التخلي وإن كان مؤقتاً، فقد يكون ممكناً تفسير صمت ملالي طهران باعتباره تجسيداً للثقة بانتصار نظام بشار الأسد على الشعب السوري، كما أكد هذا الأخير في مقابلته التلفزيونية يوم الأربعاء الماضي. وليكون الأمر، من وجهة نظر إيرانية، عدم إضاعة الوقت والجهد الثمينين في معركة محسومة سلفاً لمصلحة طهران.
لكن حتى لو صحت هذه المرة، بخلاف مرات كثيرة سابقة، تصريحات الأسد عن انتصاره القادم، فهل بقي من نفع حقيقي يقدمه لإيران نظام حليف إنما بلا شعب في سورية؟ حتماً لا!
واقعياً ومنطقياً، يمكن القول إن إيران، كما غيرها من الدول، ما عادت قادرة على إنقاذ نظام الأسد بعد إيغاله في الحل الأمني. لكن إيران نفسها قد تكون الأقدر على إنهائه؛ برفع الغطاء عنه مالياً وعسكرياً ودبلوماسياً. واستناداً إلى هذه الحقيقة، تبدو المفارقة في أن جرائم هذا النظام بحق الشعب السوري فيما لا تفضي إلا إلى تعميق أزمته، فإنها (الجرائم) تفتح مجالاً لإيران لتحقيق مكاسب إقليمية أو حتى دولية. يبدو ذلك عبر مقايضة نظام الأسد/ الدم السوري بعلاقات إقليمية أفضل مع مصر وغيرها من الدول العربية التي لا تجرؤ حكومة في أي منها، من قبيل الجزائر مثلاً، على إعلان تأييدها للأسد، في تحد لموقف شعبها المؤيد للثورة السورية. يضاف إلى ذلك، مكاسب إيرانية محتملة بشأن برنامجها النووي والعقوبات الاقتصادية الدولية المتعلقة به، والتي لا يفضي استمرار الأسد إلى تخفيفها وإنما تعميقها، وبوتيرة أسرع، بحكم العجز عن بناء تحالف إقليمي دولي يوازن بدرجة ما الضغوطات والعقوبات الغربية على إيران.
هكذا، يغدو ممكناً الاستنتاج أن التجاهل الإيراني العلني للمؤامرة المزعومة على الأسد قد يكون رسالة إلى مَن يهمه الأمر، بأن إيران منفتحة على مناقشة سورية بدون نظام الأسد، في حال كان الثمن مجزياً أو حتى مقبولاً؛ فإذا ما عاد بإمكان الأسد إلا الانتحار، فلماذا لا يكون لأجل طهران؟!

 

http://www.alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef2/article/30498/%D8%A7%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D9%84%D8%A7-%D8%A7%D8%B3%D8%AF.html