الأسد يعلن جهاده « المقدس »! – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 13 mars 2013

لم تكن موجهة إلى السوريين الفتوى التي أصدرها مجلس الإفتاء الأعلى في سورية، الأحد الماضي، « للقيام بفريضة الالتحاق بالجيش العربي السوري ». فإذا كان محتملاً جداً أن عدداً غير قليل من الجنود الذين يستخدمون وقوداً لحرب بقاء بشار الأسد، لا يعرفون حقيقة ما يفعلون، فإن من لم يلتحقوا بالجيش حتى الآن يعرفون تماماً أي معركة يخوضها الأسد، والتي هي ضد الشعب السوري وحده. وهذه المعرفة هي ما يفسر استنكاف كثير من السوريين عن تنفيذ الأوامر العسكرية بالالتحاق بالجيش، ما استدعى سابقاً فتاوى مماثلة لفتوى المجلس، معلنة وضمنية، صدرت خصوصاً عن محمد سعيد البوطي، ووصلت حد تشبيهه جنود النظام الذين يفتكون بالشعب بـ »الصحابة »!
بناء على ذلك، فقد اعتبر كثيرون أن فتوى المجلس لا تعدو أن تكون محاولة لتوفير غطاء « ديني » لإدخال قوات إيرانية خصوصاً، كما عراقية طائفية، إضافة إلى مقاتلين من حزب الله، للقتال إلى جانب الأسد. وهو الاستنتاج الذي يفترض أن يكتسب مزيداً من المصداقية مع إعلان النائب اللبناني السابق وئام وهاب، قبل أيام، ومن على قناة حزب الله « المنار »، « استقدام نحو 500 ألف جندي احتياطي من طهران إلى سورية ».
لكن، في مواجهة هذا الاستنتاج، تبرز الحقيقة المقر بها من الجميع حول قتال إيرانيين وعراقيين ولبنانيين، ولأسباب طائفية، إلى جانب قوات الأسد منذ مدة طويلة، بحيث لم يعد يتوانى عن الاعتراف بذلك أمين عام حزب الله حسن نصرالله، إضافة إلى قيادات في التيار الصدري العراقي. أما الأكثر أهمية ولفتاً للانتباه هنا، فهو استخدام وئام وهاب للإعلان عن المدد الإيراني القادم، ومن على شاشة حزب الله. فإضافة إلى عدم منطقية الرقم، لا يمكن أن يكون وهاب أكثر اطلاعاً على الخطط الإيرانية من نصرالله وبقية أتباع الولي الفقيه في لبنان، فلا يبقى للتصريح من دلالة إلا في كونه صادراً من على شاشة « المنار ».
هكذا، يكون إعلان الأسد « الجهاد » على لسان مجلس إفتائه، بقيادة أحمد بدرالدين حسون، مضافاً إليه التصريحات المكلف وهاب بالإدلاء بها، ليسا في الجوهر إلا مواصلة للعب الورقة الأخيرة التي كان كشف عنها مؤخراً أركان نظام الأسد اليائس، وحلفاؤه في لبنان والعراق، والمتمثلة في التلويح بحرب طائفية إقليمية عابرة للحدود السورية. ولربما يضاف إلى ذلك، تهيئة السوريين، والرأي العام العربي والدولي، لرؤية عدد متزايد من القتلى الإيرانيين والعراقيين واللبنانيين قريباً، ممن يقاتلون دفاعاً عن الأسد، وما عادت قياداتهم تملك خيار التراجع بعد إيغالها في الدم السوري.
لكن حتى مع إقراره بيأسه عبر سياسة الابتزاز الطائفي، يبدو الأسد وحلفاؤه الإقليميون منفصلين عن الواقع حتى اللحظة. فهذه السياسة لا يمكن أن تردع الثوار الذين وضعهم الأسد مبكراً في خانة « إما أنا وإما أنتم »؛ على العكس، فإن هذا الابتزاز يجب أن يكون تحذيراً لمن اتخذهم الأسد رهينة باسم الطائفة وسواها، فلماذا يضحي هؤلاء بحاضرهم ومستقبلهم لأجل شخص أوشكت نهايته، وبات خطراً على طائفته بقدر ما هو خطر على سورية وكل دول الجوار؟
باستثناء إيران وحزب الله، لم يعد لسوري أو عربي أو أي إنسان مصلحة في بقاء بشار الأسد، والتحدي هو في الإبقاء على سورية ما بعد الأسد، وطناً موحداً لجميع أبنائه.

http://www.alghad.com/index.php/crew/152751.html