الثورة السورية وعثراتها – * لينا موللا

Article  •  Publié sur Souria Houria le 14 août 2011

بات واضحاً أن النظام السوري قد اعتمد منذ بداية الثورة على سياستين متلازمتين:

الأولى هي اتباع سياستي البطش والقتل، إذ لم يتوانى عن فعل أي شيء مهما كان منفراً وقذراً وقمعياً، وهو من باع أشرطة الفيديو التي تصور عتاة مجرميه وهم يقتلون وينكلون ويبطشون، في رسالة واضحة أنه لن يتوانى عن تكرار ذلك لأجل القضاء على المعارضة.

الثانية هي ترهيب الداخل والخارج من أن القادمين الجدد من الثوار هم أصوليون يريدون إقامة إمارات إسلامية رجعية ستعود بسوريا إلى عصور الظلام وتوجه بذلك إلى الأقليات والطبقة السورية الأرستوقراطية مذكراً بما حل في أفغانستان والصومال والسودان، في حين أوحى بنجاحه في مسيرات التأييد في استقطاب المجتمع السوري المنفتح والعصري .وصور مؤتمرات المعارضة التي انعقدت في الخارج وكأنها تقام في قندهاركما جاء في تصريحات أغلب ممثليه، ولهذا دلالات لا تفوت على القارئ .حاول من خلال رجال الدين تقديم خطابين متعاكسين الأول ينادي بدعم السلطة والإلتفاف حولها ككل المؤمنين اللذين التفوا تاريخياً حول ولي أمرهم – السلطان – ..  خاصة زمن المحن.لكنه فشل بذلك فشلاً فشلاً ذريعاً واحترق أؤلئك الذين اصطفوا مدافعين عن نظام الأسد بكل أوتوا من قوة وقدرة على الإقناع، إذ خلعهم الشارع فوراً وباتوا خلال ساعات قليلة في أسفل السافلين .النظام من جهة أخرى أفاد من ظاهرة الغلو التي انتشرت كردة فعل على بطشه وإعلامه الطائفي في قناة الدنيا والأخريات اللذين لا يقلون عنها سفاهة وحقداً، حين جيش الطائفة العلوية الكريمة ضد سواد الشعب واستقطب ضعاف النفوس من عامة الشعب للدفاع عن تصرفات النظام في كذب يندى له الجبين .وخرجت إلينا ظاهرة العرعور الذي نجح في قراءة مظالم وألم الشارع السوري بدقة، فعبر عنها بخطاب يحمل الكثير من الحقد والكره للآخر، وللأسف هذا الآخر سوري أيضاً ولا يمكن بناء سوريا حديثة من دونه، ونجح في استقطاب شارع يبحث عن قيادات في المعارضة قادرة على رص الصفوف في زمن لم تستطع المعارضة إيجاد صوت ثوري قيادي نزق وعصبي يلهم المقهورين والمظلومين .هذه الظاهرة تلقفها النظام ليضخمها عشرات الأضعاف وليخيف منها سواد الشارع السوري الذي يكره العنف والقتل ويميل للتعايش ولإيجاد صيغة العدالة الإجتماعية التي يتطلع إلى تحقيقها، وهذا ما أخر من انضمام قطاعات مهمة من الشارع السوري إلى الثورة التي يتفق حول مبادئها كل السوريون دون استثناء .خاصة أن جميع الثورات العربية قامت لأسباب أبعد ما تكون عن الطائفية والمذهبية وإنما كان وقودها مظالم إجتماعية و اقتصادية وسياسية.ويقيني أنه في حال خرجت الثورة السورية من الساحات العامة كما في مصر وتونس وحتى اليمن والبحرين لاستقطبت أعداداً أكبر ليس أقلها النساء السوريات بأكملهن وكذلك العلمانينن والأقليات ولهؤلاء وزن ثقيل.أقول هذا مع إيماني بدور المسجد وأماكن العبادة بالنسبة لعموم السوريين، لكنها للأسف أماكن لم تجمع تاريخياً جميع شرائح المجتمع المطلوب اصطفافهم مع بعضهم البعض كمواطنين معنيين بالتغيير وضرورته.ويقيني بأن النظام لم يترك مكاناً آخر سوى المسجد ودور العبادة للإجتماع، لكنمنذ متى يطلب منا كثوار الإذعان لإرادة النظام  والاستكانة  لها؟لهذا استنفر النظام  آلته الإعلامية والمخابراتية في الإيحاء بأن الحرب طائفية تغذى بواسطة مؤامرة من الخارج، صحيح أنه لم ينجح في إقناع أحد لكننا بقينا مكبلين حزئياً ننتظر يوم الجمعة وشهر رمضان لكي نقول كلمتنا، وفي هذا حد لقدرة الثورة والمجتمع.والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح ..أليس من الممكن أن تسحب الثورة وتنسيقياتها البساط من تحت أقدام النظام؟بأن تبدأ بتحديد أماكن عامة للتجمع وتدعو إليها النساء والرجال، كما حصل في مظاهرة المثقفين والفنانين منذ شهر، والتي كان يمكن لها أن تشكل انعطافاً خطيراً باتجاه حسم الصراع والفوز.وأن تختار المعارضة خطيباً قوياً يشعل مشاعر الجماهير يتحلى بجرأة ووضوح ولغة شعبية ، بدل رجل دين لا يمكن أن يعتبر إلا مصطفاً لجهة ضد أخرى في خطاب ديني تقليدي لا يحوي أي وجه من وجوه الإبداع والشمولية.فإذا كنا كثوار ننادي بدولة مدنية،  فلنختر مواطناً مدنياً، لا من سلك الجيش ولا من رحال الدين، نريده من العامة موضوعياً ويحمل خطاباً يجمع أطياف السوريين كافة ، ذو ماض نظيف وموثوق،  وقادر وبكلمات منه أن يجمع الملايين حول أمل وحلم وطموح هو غد أفضل للسوريين كافة، بصراحة نريد رجل شارع يشارك الشابات والشباب مصيرهم يلهمهم ويشعل فيهم الحماس.لدينا منهم المئات وهم بيننا، فلنساعد في إخراجهم ومساعدتهم .. وليقودوا مرحلة تمتد حتى نرسي مبادئ الديمقراطية، ومتى أرسيناها نكون قد وصلنا بر الأمان.يقيني أنه بات لزاماً علينا المراجعة ومسك دفة القيادة بشكل حازم، وستجدون أن النظام سيتهالك سريعاً عندما ننجح بذلك وسيتفكك بسرعة قياسية سواء دعمته  إيران أو تركيا أو إسرائيل، لأن النظام لن يقو على مقارعة الشعب .. كل الشعب
قادمون…
*صوت من أصوات الثورة السورية 13 8 2011