الطخ على المعارضة السورية – معن البياري

Article  •  Publié sur Souria Houria le 3 juin 2013

تستحق المعارضة السورية الكثير من المؤاخذاتِ والانتقادات والهجمات غير القليلة، والتي تُرمى بها من معلقين عديدين، ومن سوريين في أُتون الثورة، مدنيين وعسكريين.

ومع التسليم بهذه الحقيقة، يبقى مهماً التنويه إِلى أَنَّ الطخَّ الغزير على هذه المعارضة صار موضةً في الصحافات والفضائيات العربية، ربما لأن موضوعه ميسورٌ، ولا يتطلب إِجهاداً للذهن، فكثرة اجتماعات المعارضة السورية وخلافاتها المعلنة وعلاقات تكتلات فيها ببعض الدول ملحوظة.

وفي الأثناء، ليس من غبطةٍ أَبهج على أَجهزة النظام الحاكم في دمشق الدعائية من هذا المهرجان الكلامي، فتنتقي منه ما تعيد تدويره، في دواليب الحكي إياه، عن المعارضة الوطنية والأخرى المتآمرة، فتجد مقالات لأَصحابنا ممن ينقطعون للطخّ اللذيذ على مجلس اسطنبول وائتلاف الدوحة ومعارضي باريس مطارح لها في الفضائية السورية، ومساحات في الجرائد الخشبية إِياها.

تحصيلُ حاصل أَنْ يصبَّ انتقاد المعارضة السورية في طاحونةِ نظام دمشق، سيّما حين يصدُر من أَصحابه عن شغفٍ بالنظام المذكور، وولعٍ ببقائه غاصباً للسلطة. وقد يتذاكى نقاد المعارضة من هذه الوجهة بإِخفاء ولعهم وشغفهم هذين، غير أَنَّ الأَمر لن يخفى على حصيف، طالما أَن هؤلاء لا يؤشرون بكلمةٍ إِلى جرائم معلنةٍ للنظام، ويتعففون عن إِدانة مذابح شبيحته.

ولأَنَّ هذا التشاطرمكشوف، فإِن الأَدْعى للانتباه والاحترام ذلك النقد، أَياً كانت حدّته، ويجهر به معلقون حريصون على إِنقاذ الشعب السوري من نظام القتل الذي يحكم أَنفاسَهم منذ نيفٍ وأَربعين عاماً. وليعلم أُولئك ممن يلاحقون تصريحات أَردوغان وحمد بن جاسم، وتعمى عيونُهم عن الميغ وسكود حين تضرب مخيم اليرموك وحمص ودير الزرو، ليعلموا أَنَّ نقداً شديد الأهمية للمعارضة السورية يمارسه، في مقالاتٍ وندوات وتصريحات، فاعلون في هذه المعارضة نفسِها، والنصح هنا لأُولئك أَنْ يقرأوا برهان عليون، مثلا، والذي كتب وقال الكثير عن أَنانياتٍ وشخصانياتٍ وعيوبٍ غير قليلة في هذه المعارضة، كما فعل معاذ الخطيب غير مرة.

لا يشحطون الذئبَ من ذيله بعض أَصحابنا ممن يطخّون، بهمةٍ ملحوظةٍ، على المعارضة السورية، حين يقولون ما يقولون، غير أَن ثمة بديهياتٍ يحسنُ أَنْيتذكّروها، أَولاها أَنَّ سوريا لم تعرف طوال عقود حكم البعث حضوراً سياسياً لقوى معارضةٍ تنشط في فضاء من حريات العمل البرلماني والإعلامي والنقابي والثقافي.

ومن نراهم في المجلس الوطني وهيئة التنسيق وائتلاف قوى الثورة والمعارضة، وفي قوى وتكتلاتٍ أُخرى، إِنما يتمرنون بممارسة السياسة، وهذه -على ما يجدر التنبيه- نشاطٌ يقوم على الاحتكاك بالداخل والخارج معاً، والبحث عن التقاء المصالح، واستثمار تقاطعاتها، والإفادة من تناقضاتٍ هنا وهناك، وغير ذلك من عملية اشتباكٍ عويصة وغير هينة.

والبادي الذي صار مؤكداً أنَّ السوريين، في معارضاتهم الناشئة في العامين الماضيين، إِنما يكتشفون العالم والخيوط الإقليمية المتشابكة فيه، والمحيطة ببلدِهم، ولأَن غالبيتهم جاءوا إِلى ما هم فيه من حقول ثقافية وحقوقية، فإِننا نلحظ سذاجاتٍ غير قليلة في خلافاتهم وطرائق اتصالهم بالغرب وبالعرب.

نظنُّنا في حاجةٍ إِلى التملي في هذه الحقيقة، ونحن نطارد المعارضين السوريين بدروسنا عما ينبغي وما لا ينبغي أَنْ يقوموا به، ونلاحقهم بأَلسنتنا الطويلة، إِنْ ناموا في اسطنبول، أَو زاروا الدوحة، غير أَننا في كل الحالات يحسنُ أَلا نغمض عيوننا عن فعال نظامٍ مجرمٍ يحتل سوريا التي يتطلع شعبُها إلى التحرر منه.