العودة إلى سورية – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 20 janvier 2013

بحسب البرقية المرسلة إلى وزارة الخارجية في واشنطن، وحملت توقيع القنصل العام الأميركي في اسطنبول، سكوت فريدريك كيلنر، فإن بشار الأسد استخدم غازاً ساماً ضد المواطنين السوريين في حمص يوم 23 كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وإذ أقرت الوزارة بوجود البرقية، إلا أنها نفت على لسان الناطقة باسمها، فيكتوريا نولاند، واستناداً إلى معلومات طرف ثالث كما قالت، استخدام الأسد للسلاح الكيماوي بأشكاله كافة. وهو ما يعني إعفاء الإدارة الأميركية من اتخاذ إجراء مباشر ضد نظام الأسد، كما تعهد الرئيس باراك أوباما، بكلمات عامة فضفاضة في 3 كانون الأول (ديسمبر) الماضي أيضاً، في حال استخدام هذا السلاح.
واستناداً إلى ذاك التعهد تحديداً، تبرز احتمالية أن يكون تقدير القنصل العام صحيحاً تماماً، لكن النفي كان حتمياً لمنع إحراج الرئيس أوباما الذي لن يفي بتعهده السابق. فخطر السلاح الكيماوي السوري دافعاً للتدخل في سورية، لا يتعلق أبداً باستخدامه ضد المواطنين السوريين الذين فاق عدد ضحاياهم أصلاً الستين ألفاً، وإنما هو سلاح خطر فقط في حال وصوله إلى أيد معادية للولايات المتحدة، وإسرائيل بالضرورة.
بالنتيجة، وأياً كانت الحقيقة، تظل القيمة الوحيدة الممكنة لهذا الجدل الأميركي-الأميركي « الرسمي » في تقديم دليل إضافي، وإن لم يكن ضرورياً أبداً، على أن تدخلاً غربياً (أميركياً) في سورية لن يحدث مهما ارتفعت التكلفة البشرية والمادية لمحاولة الأسد الإجهاز على الثورة، وباستخدام الأسلحة كافة؛ من المدفعية والبراميل المتفجرة إلى صواريخ سكود وحتى الأسلحة الكيماوية.
وبناء على المعطيات والحقائق على الأرض، يكون الممكن الوحيد هو مواصلة الحرب بين الثوار وبين جيش الأسد؛ حرب لا يخرج منها السوريون عقوداً وإن توقف صوت الرصاص والقذائف، وتخرج منها سورية حتماً مدمرة تماماً أياً كان مدعي النصر فوق الأشلاء والركام.
وإذا كان الأسد والمحيطون به لا يرفضون خيار تدمير سورية، بل وسعوا إليه وفق شعار « الأسد أو نحرق البلد »، لأن هدفهم هو فقط السلطة وفسادها الذي يعني الكثير من المكاسب؛ إلا أن خيار الثوار، في المقابل، يجب أن يظل كما كان يوم انطلاق الثورة: « التخلص من الأسد لأجل البلد »؛ شعباً وأرضاً، وتاريخاً ومستقبلاً. وبعد أن تأكد موقف المجتمع الدولي المتواطئ أو العاجز في أحسن الظروف، فلم يعد يملك السوريون إلا الاعتماد على أنفسهم وحدهم لإنقاذ سورية من نظام الأسد.
وهذا الاعتماد على النفس يعني العودة بالثورة إلى سورية. فبدلاً من المراهنة على مساعدة خارجية أساساً، أياً كان شكلها، يجب العودة إلى توسيع الثورة بمخاطبة الفئات السورية التي لم تشارك فيها بفعالية بعد. كما يجب العودة إلى مخاطبة الطائفة العلوية تحديداً وتطمينها حقيقة. ومثل ذلك، لا يمكن أن يؤتي أكله بدون ضبط الثوار المسلحين الذين باتوا يرتكبون أخطاء وخطايا بحق مدنيين وأسرى. ويرتبط بهذا تحقيق وحدة بالحد الأدنى بين فصائل المعارضة التي « استأسد » بعضها في الاستعداد للاستيلاء على السلطة بعد الأسد، حتى يكاد يوشك أن يدمر الثورة، وسورية أيضاً.
لا يملك الثوار والسوريون عموماً خيار هزيمة الثورة، تماماً كما لا يملكون خيار سقوط الأسد وخسارة سورية التي لأجلها قامت الثورة.

http://www.alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef2/article/31777