المعارضات السورية والعربية: من يدين من؟ – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 6 octobre 2013

تستحق المعارضات السورية، ولاسيما معارضات الخارج، كل وصف سيئ. ففيما تزداد التكلفة الإنسانية للثورة السورية؛ قتلاً واعتقالاً وتهجيراً، لا تزداد هذه المعارضة إلا انقساماً وتشرذماً واستماتة على المصالح الفئوية الضيقة، إن لم تكن الشخصية! هذه الحقيقة يملك السوريون جميعاً تردادها وإدانتها؛ أكانوا مؤيدين للثورة أم مؤيدين لنظام بشار الأسد. إلا أن المفارقة المثيرة للأسى، أو حتى الضحك، ومن باب « شر البلية ما يُضحك »، هو استغلال الواقع الأكثر من مزرٍ للمعارضات السورية من قبل معارضات عربية، قومية ويسارية خصوصاً، في بلدان الأخرى، فقط لتبرير الدفاع عن نظام الأسد، وتخوين الثورة، بل وتلبيس كل الشعب السوري الذي يطاله القتل على يد النظام لبوس الإرهاب.
فحتى في بلدان عربية تعد « جنة الديمقراطية على الأرض »، مقارنة بسورية الأسد الأب والابن؛ حيث الأحزاب جميعها مرخصة، وعدد معتقلي الرأي -إن وجدوا- يعدون على أصابع اليدين على الأكثر، ولا يُنكّل بالعائلة كلها بـ »جريرة » فرد منها، تعجز المعارضات في تلك البلدان عن الالتقاء على شعار مسيرة أو لقاء، ناهيك عن الاتفاق على برنامج عمل! ولا يقتصر هذا العجز على الجوانب السياسية، بل يشمل حتى الاقتصادي والاجتماعي على أدنى مستوى!
وبالرغم من تأكد تآكل حضور وفعالية الغالبية العظمى لهذه الأحزاب، على مدى سنين، إلا أنها تصر على انقساماتها « التاريخية »؛ لا داخل التيار الواحد، بل وحتى الحزب الواحد. يكفي أن هناك حزبين مثلاً بذات الاسم تقريباً، يميزهما فقط الانتماء لنظامين عربيين مختلفين، وإن كان أحد هذين النظامين قد ذوى تماماً في بلده ذاته!
رغم كل ذلك، تظل غير منطقية فعلاً المساواة في الإدانة بين المعارضات السورية التي باتت انقساماتها قاتلة للشعب السوري ومدمرة لبلده، وبين منتقديها من المعارضات العربية التي لا تواجه ذات الظروف، فتملك ترف الانقسام والتشتت والعجز.
لكن المفارقة الأشد تتمثل في التخويف من بديل الاستبداد العلماني، الذي يؤكد يساريون وقوميون أنه ليس إلا الاستبداد الديني، بما يستوجب دعم الأول، ممثلاً هنا بنظام الأسد في سورية وغيره. فمثل هذا القول لا يمثل إدانة كاملة فقط للمعارضات العربية القائلة بذلك، بل هو فعلياً إعلان موت لذاتها، موقع باسمها! إذ هو اعتراف لا لبس فيه بعجز هؤلاء عن أن يكونوا بديلاً حقيقياً لأي من الاستبدادين، وهم لذلك اختاروا فعلاً الاصطفاف مع الاستبداد الأول.
لكن إزاء هذا الإقرار لا بد من السؤال: لماذا تستمر هذه الأحزاب في الوجود، وليس المعارضة فحسب، وهي تعلن صراحة أنها لن تكون قادرة على تغيير أحوال الشعوب التي مصيرها حتماً القتل والإفقار، فلا يطال الخلاف إلا هوية الجلاد صاحب « الحق » في ارتكاب الجريمة؟!
في الواقع، ليست المعارضة السورية، في كل ما يدينها، استثناء على المعارضات العربية كافة. ولأجل ذلك لم يزهر « الربيع العربي » في بلد واحد، سواء تلك التي شهدت التخلص من رؤوس أنظمتها، أو فتحت لها أبواب حقيقية للإصلاح فيها.