المعارضة إرهاب! – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 20 février 2014

يُفترض أن يحار المرء بشأن أي جزء يعتمد من إجابة سفير نظام الأسد في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، عن السؤال بشأن سبب إدراج أعضاء وفد الائتلاف الوطني الذين كان يفاوضهم النظام في جنيف على قائمة الإرهاب. إذ فيما يقول الجعفري إنه يريد « إيجاد شريك وطني في الائتلاف يحارب الإرهاب »، فإنه يؤكد في سياق الإجابة عن السؤال ذاته أن « هذا القرار صدر قبل اجتماع جنيف بشهرين »! فكيف يستقيم الجلوس مع وفد يطالبه النظام بمحاربة الإرهاب، وقد أُلصقت به سلفاً تهمة الإرهاب؟!
أياً يكن، فإن الإجابة التي لا لبس فيها عن سؤال الإرهاب تبدو جلية في سلوك النظام مع المعارضة السورية التي لا تشوبها بأي شكل، وفق معايير النظام ذاته، تهمة الإرهاب؛ انخراطاً فيه، أو دعماً له، أو حتى سكوتاً عنه. إذ كيف يتم تبرير اختطاف وإخفاء عبدالعزيز الخيّر، وإياس عياش، وماهر طحان، ثم اعتقال رجاء الناصر، وغيرهم من قيادات هيئة التنسيق الوطنية الممثلة لمعارضة الداخل؛ السلمية، الرافضة للعسكرة وللتدخل الخارجي؟!
بعيداً عن التصريحات القائمة على التلاعب الساذج بالألفاظ والمفردات، ليس « الإرهاب » بتعريف النظام، إلا معارضته بأي شكل من الأشكال، سلمياً أو بالسلاح، لا فرق أبداً.
ولعل السؤال الذي قد يبدو بدهياً هنا، هو: من بقي ليتفاوض النظام معه في سبيل إنهاء المأساة السورية؟ لكنه ليس سؤالاً في محله أبداً، طالما أن شرعية النظام لم تعد منذ عقود، إن كانت يوماً، شرعية مستمدة من الداخل؛ بل هي شرعية خارجية تماماً، وبشكل ينطوي على تناقض غريب.
ففي مقابل ضبط الحدود بشكل مطلق مع إسرائيل منذ العام 1973، يتم ترويج النظام باعتباره « مقاومة وممانعة ». لتبدو هنا مفارقة أخرى ذات صلة، وهي أن من يروجون هذه الفكرة من القوميين والأممين العرب باعتبارها مبرراً لقتل السوريين واستعبادهم ونهب ثروات بلادهم، لا يكفون هم أنفسهم عن المطالبة بالإصلاح في بلدانهم، هذا إن لم يلعنوها على رؤوس الأشهاد، وهي التي تعد أي منها سويسرا العرب، حرية وديمقراطية، مقارنة بسورية الأسد!
ووفق هذا الإدراك لمصدر الشرعية أيضاً، يمكن فهم لماذا يقبل نظام الأسد التفاوض، علناً وسراً (برعاية تركيا) مع إسرائيل التي تحتل الجولان السوري، فيما يرفض هذا النظام التفاوض مع أي من السوريين الذين صاروا جميعاً إرهابيين.
وبذلك أيضاً، يمكن فهم لماذا يحرص النظام على عدم الاعتداء على « داعش » التي تسفك الدم السوري، موفراً كل براميله المتفجرة للشعب السوري. فالغرب مصدر الشرعية يخشى « داعش » التي يجب أن تبقى « فزاعة » يفاوض عليها النظام لأجل بقائه.
عند هذا الحد، تبدو مفهومة تماماً نظرة هذا النظام إلى الشعب السوري باعتباره محض خصم في لعبة صفرية، يجب أن ينال النظام فيها كل شيء، ولأجل ذلك لا مانع، إن لم يكن من الواجب، إبادة الشعب بكل شيء.