انظروا.. إنها تحترق » – نصري الصايغ »

Article  •  Publié sur Souria Houria le 18 juillet 2011
كان المشهد مذهلاً، السيد حسن نصر الله يطلب منا ان ننظر باتجاه البحر.. ورأينا البارجة العسكرية الإسرائيلية تتعرض للقصف، وتترنح. «زينة» السلاح البحري الإسرائيلي، تخرُّ بين الأمواج. جبروت الآلة العسكرية العظمى، تتضاءل
كان المشهد غير مسبوق، وصدّقنا، فالمقاومة، اعتادت على الإنجازات غير المسبوقة، لا من دول مقيمة، ولا من مقاومات قديمة
منذ خمسة أعوام، دخلت المقاومة عصرها. لا عصر يشبهها. لا تاريخ يسبقها، لا زمن ماضياً يقاربها.. حرب ذاك، تموز 2006، افتتحت المقاومة عصر البدايات العربية، ووضعت نقطة نهائية في كتاب الانتصارات الإسرائيلية. ومعادلة الصراع العربي ـ الإسرائيلي، تحولت إلى جملة سياسية غير مفيدة، وحلت معها معادلة، المقاومة في مواجهة إسرائيل. لا دولة عربية او إقليمية، لها الوزن المقلق والحضور الخطر، يوازي وزن المقاومة وحضورها المتخندق في الجنوب، والكامن في أمكنة وبيئات عربية، حاضنة لهم التحرير وهموم الحرية
تموز 2006، غيّر العالم. أدرك هذا، بحربه الدولية/ العربية/ النصف لبنانية/ بقيادة إسرائيل، ان هزيمة المقاومة عسكرياً، غير مضمونة. ثلاثة وثلاثون يوماً، وإسرائيل تسبح قاذفاتها في الفضاء، وأقدام جنودها كسيحة، لا تتجرأ على الخطو المدجج، فوق التراب اللبناني.. مارون الراس شاهدة. بنت جبيل شاهدة. والجديد الجديد، ان تموز 2006، جعل إنجازات حرب «جردة الحساب» (1993) و«عناقيد الغضب» (1996) ويوميات المقاومة لطرد الاحتلال (1982ـ2000) في مرتبة أدنى عسكرياً واستراتيجيا، من درة المقاومة، تموز 2006
نعيش اليوم نتائج ذلك العصر المقاوم المستمر، وبدايات عصر الثورة الديموقراطية العربية، التي هزت وتهز أركان النظم العربية الاستبدادية، التي تغيبت طوعاً عن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وحضرت بكثافة قمعها واستبدادها ونهبها واستغلالها لبلادها. لقد شاركت الإسرائيلي في الاحتلال. تركت لإسرائيل وظيفة الاستيطان اليهودي، وتولت وظيفة احتلال شعوبها وجعل الأوطان مستوطنات لعصابات القمع والنهب والنبذ والتبديد والتبعية
ليس مهما أبداً، من أولاً؟ المقاومة أم الثورة الديموقراطية. كل المهمة اليوم، ان لا ترى المقاومة ان الديموقراطيات العربية، خطر عليها. وان تنظر إلى المعارضة الديموقراطية في سوريا، نظرة احتضان وموالفة، ولا تضعها في خانة الاتهام، والتخريب على الممانعة، التي مارسها النظام السوري، وفاته ان ينظر إلى شعبه، نظرة المواطنين، فلا يصنف قلة منهم، أصفياء وأصدقاء وحلفاء، ويلصق بالأكثرية تهم التآمر والعصابات
كل المهمة اليوم، ان لا تستبعد الثورات الديموقراطية العربية فلسطين. لا يضير هذه الثورات، وهي تصنع
ديموقراطيتها وتؤكد حريتها ان تتمسك بفلسطين، وبمن يقاوم من أجلها. كل المهمة راهنا، عقد سياسي جديد، بين فلسطين الفلسطينية من جهة، وبين فلسطين العربية، عبر احتضان الجماهير العربية لها… حتى الآن، لم نسمع من الثورات العربية، صوت فلسطين بوضوح وقوة. فهل تخشى أحداً من الخارج او من الداخل؟ وما هو مطلوب من الثورات مطالبة به المقاومة كذلك، من دون انتقائية
إذا حصل عقد القران بين المقاومة والثورة الديموقراطية، قسيكون العالم امام صياغة تاريخ عالمي جديد، فصوله الأولى، تبدأ من هنا: من تموز 2006 و14 يناير 2011 (تونس)
هذا حلم؟ لم لا؟ يقول أوسكار وايلد: «علينا ان نحلم أحلاماً كبيرة جداً، كي نستمر في رؤيتها، إبان مسيرة تحقيقها». الأحلام الصغيرة، السلطوية والمذهبية والطائفية، تستحق ان تسمى: الكوابيس. أما حلم الاستعانة بالغرب، فيستحق التحريم. انه وهم باهظ
18/07/2011
السفير