بشار العيسى – عامودا …. مدينة الثورة والوطنية الكردية

Article  •  Publié sur Souria Houria le 3 juin 2011

خاص لسوريا حرية

بشار العيسى

للمدن مثل الافراد، شخصية وخصوصية كارزمية لا تصنع بالقرارات ولا من قطع غيار مستوردة، فالمدن تبنى من آجر مشوي في حرائق الزمن، تنسج خصوصيتها في بوتقة التاريخ مثل البسط والكليم والسجاد من اصواف محلية بأصباغ متخرجة من براري البلاد /الاوطان.

« عامودا » المدينة السورية بامتياز، الكردية بامتياز، المتعددة بامتياز، من المدن القليلة التي تلف جراحها بظلالها وتصيغ نطقها بتعابير تخرج من عمق الحارات كسحنات الابناء، من اكثر المدن السورية نهضوية، ففضلا عن غرفها الفقهية على مدى التاريخ دخلت العصر السوري الحديث بانتفاضتها الكبيرة على المستعمر الفرنسي وتم احراقها مما جعل اسمها مرادفاً ب  » شوّتي » المحترقة تيمنا ببهائها القدسي وافتخار اهلها بثورتها الكبيرة على المستعمر الفرنسي استدعى قصفها بالطيران سنة 1936، ومنذ ذلك التاريخ وعامودا درة في بلاد الجزيرة السورية ورمز التمرد والحراك السياسي والثقافي، ولأبنائها  من سياسيين وشخصيات وطنية ومثقفين قصب السبق على باقي مدن الجزيرة، عليها نزل غضب السلطات المتتالية منذ ايام الوحدة الناصرية، وتتالت عليها سياسات القمع والقهر على مدى 94 سنة من ايام البعث وما زال، ومع ذلك لم تحني عامودا رأسها يوما، ولم تتنكر لتاريخها الريادي النهضوي والمتمرد، دائما بالحق، مدينة الشهداء التي قدمت مئات من اطفالها في حريق سينما عامودا بسبب عروض فيلم جميلة بوحيرد لمعونة الثورة الجزائرية.

لم تفت سياسات البعث في عضد ابناء عامودا وهي أصغر مدن المحافظة فرغم سياسات التهجير والتجريد من الجنسية والحرمان من التعليم والتوظيف  وتسليط اجهزة الامن المتعددة الفروع والقهر والتجويع والتهميش، بقيت عامودا، المشتهرة بروح الدعابة والسخرية المرّة، بقيت، كردية الشخصية، رغم وجود بيوتات عربية بعراقة تداخل التاريخ الكردي العربي منذ بديات الاسلام أضافت لها نكهة بخصوصية: جمعت ولم تفرّق، أغنت بغير تقوقع، والغالبية القصوى من موظفيها عرب من مختلف المناطق السورية: مدراء وشرطة ورجال امن ومخبرين وعسس ومستوطنين من البادية لقهرها. ولم تقهر عامودا، ويوم حملت دبابات آل الاسد/ مخلوف ورصاص قناصة الحرس الجمهوري، الى درعا وارياف حوران القتل والبطش، كانت عامودا من أول المدن التي صرخت « بالدم بالروح نفديك يا درعا » ومنذ ذلك اليوم وهي على الموعد كل جمعة وطنية من جُمَع الثورة السورية، تكون في مقدمة ليس المدن الجزراوية الكردية وحسب، بل المدن السورية قاطبة. عامودا الآزادية تهتف الحرية بالعربي، مثلما صارت المدن العربية تهتف الحرية بالآزادي الكردية، عامودا المستقلة العصية على ترجرج المواقف الحزبية الكردية أسوة بباقي الاحزاب المعارضة العربية، تخرج بآزادية مستقلة مدعّمة بالقواعد الحزبية التي تختار الوطنية العامودية على الانقسامية الحزبية الثقيلة الحركة ضعيفة المبادرة رمادية المواقف.

عامودا التي تسند ظهرها الى حقول الالغام التركية في كردستان تسندها من الشرق قامشلي التي لم تخلف الوعد بالثورة يوما مثلما تسندها من الغرب درباسية وراس العين وعينها على الحسكة ان تنهض ولحوران ان يتحرر ولحمص ان تنهض ويا حلب! يا حلب! يا حيف، عامودا يا درّة الجزيرة ومفخرة الكرد جميعاً وصدى الثورة السوري حتى النصر، تسطرين اليوم بعزة شبابك ومجد تاريخك مواطنية سورية حقة صحيحة صادقة لا ظلم فيها ولا طغيان ولا سيطرة ولا اقصاء ولا استفراد ولا تخلف بل شراكة وطنية ديموقراطية حقّة مشرّفة تقيم العدل وتؤسس لوطن طال انتظار الاجيال له.

بشار العيسى