تركيا والمسألة السورية – عمر الأسعد

Article  •  Publié sur Souria Houria le 10 avril 2015

Photo_عمر الأسعد

تركيا والمسألة السورية

لقاء جديد ضمن سلسلة الندوات الشهرية التي تنظمها جمعية سوريا حرية ويديرها الكاتب والناشر السوري فاروق مردم بيك، استضاف هذه المرة كل من الكاتبة والصحفية السورية هالة قضماني والباحث ديدريه بيلون والأكاديمي والباحث التركي المختص بقضايا الإسلام السياسي في تركيا بيرم بالكي في لقاء بعنوان : تركيا والمسألة السورية

قدمت قضماني في البداية شهادة عن رحلتها الأخيرة لمدينة حلب في الشمال السوري، منوهةً بأهمية الدور الذي يقوم به نشطاء مدنيون وصحفيون مستقلون هناك مؤكدةً على أهمية دعمهم، واصفةً الوضع بالمؤلم في المدينة، حيث يعيش الناس هناك ضمن قواعد وشروط تفرضها الحرب، كذلك أشارت إلى بقاء ما يقارب 300 إلى 400 ألف نسمة حالياً في المدينة، وقدمت صورة عن حياتهم اليومية، والمقاومة التي تظهرها كثير من العائلات من خلال تمسكها في البقاء في المدينة رغم الظروف القاسية، وذكرت قضماني في حديثها الوضع المأساوي الذي يعيشه الأطفال في حلب اليوم، خاصة مع عدم وجود الرعاية الصحية والمدارس. كما أشارت في حديثها إلى دور المجلس المحلي ومتطوعي الدفاع المدني وعمال التنظيف الذين يقومون بالأعمال الخدمية ومهمات الإنقاذ بعد تعرض المدينة للقصف ويحاولون تقديم العديد من الخدمات

وقدمت صورة عن الحياة اليومية للعائلات التي تقيم في حلب حتى الآن ومدى المعاناة الصادمة جراء الدمار الذي تسبب به قصف المدينة، والقتل اليومي بسبب انتشار القناصة واشتداد المعارك في كثير من الأوقات

من جهته تحدث الباحث الفرنسي المختص بالشؤون التركية ديدريه بيلون عن الخطوط العريضة للموقف التركي اتجاه الملف السوري، مذكراً أن السياسية الإقليمية والخارجية لتركيا اتجاه سوريا سابقاً كانت تتماشى مع سياسة صفر مشاكل التي طرحها آنذاك وزير الخارجية التركي السابق أحمد داوود أوغلو « رئيس الوزراءحالياً »، إلا أن هذه السياسة لم تكن مثمرة في منطقة مشتعلة كالشرق الأوسط ومع جيران كسوريا والعراق وإيران، وذكر بيلون أن العلاقة بين تركيا وسوريا لم تكن ودية طيلة القرن العشرين، وشابها كثير من التعقيد في مختلف المراحل، وربما أهم أزماتها كان عام 1998 عندما حشدت تركيا جيشها على الحدود السورية على خلفية لجوء زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان إلى دمشق

أما فيما بعد الثورة السورية والتي اعتبرها بيلون محطة ثانية في تاريخ العلاقة السورية التركية، نوه إلى أن تركيا كانت تفضل وضعاً مستقراً على حدودها الجنوبية الطويلة مع سوريا، ولذلك شهدت الأشهر الستة الأولى بعد اندلاع الثورة في سوريا زيارات دبلوماسية مكثفة لمسؤولين أتراك إلى دمشق، حاولوا الضغط على النظام لصالح حلول أكثر دبلوماسية إلا أنهم لم يتلقوا إشارات إيجابية، وهو ما حدا بالحكومة التركية للانتقال بشكل فعلي إلى دعم الثورة، خاصة بعد أن بات الملف السوري مهم ومؤثر في الداخل التركي سواء من حيث داعميه المتمثلين بأنصار حزب العدالة والتنمية الحاكم بشكل أساسي، أو من حيث معارضي الموقف الرسمي التركي في سوريا والمتمثلين بمعارضي حكومة العدالة والتنمية

ونوه بيلون إلى أن انعقاد أولى مؤتمرات المعارضة في اسطنبول أعطى مؤشراً واضحاً على سياسة الجانب التركي في الملف السوري، وهو ما تلاه أكثر من تصريح واضح وصريح لمسؤولين أتراك وعلى رأسهم رجب طيب أردوغان يؤكدون فيه موقفهم من المسألة السورية

كذلك أشار بيلون إلى التطورات الميدانية التي أحاطت بالموقف التركي وأهمها ظهور داعش على الحدود بين سوريا وتركيا إضافة إلى ازدياد نفوذ جبهة النصرة، إلا أن هذا لم يغير من الموقف التركي الذي أصر على أن إزالة بشار الاسد هي أساس في الحرب على الإرهاب، وهو الأساس الذي اتضح أن السياسة التركية اتخذته وتتمسك به حتى الآن

كما وضح بيلون في حديثه مجموعة من النقاط التي حكمت التعاطي التركي مع القضية السورية وأهمها الموضوع الكردي، والعلاقة مع الأكراد عموماً سواء داخل تركيا أو الموجودين خلف الحدود في كل من سوريا والعراق، وأشار إلى الخلافات الداخلية حول المسألة السورية وطبيعة التعاطي معها من خلال وجود معارضة سياسية لما اتخذته الحكومة من قرارات اتجاه الملف السوري، إضافة إلى وجود إنقسام داخل المجتمع التركي ذاته اتجاه هذا الملف مع وجود فئات تدعم نظام الأسد على خلفية علاقتها السيئة بالسلطة التركية

بدوره تحدث الباحث والأكاديمي التركي بيرم بالكي عن مسائل أساسية احتكمت إليها السياسة التركية اتجاه الملف السوري خلال المرحلة الماضية، ووضع على رأسها المسألة الكردية، إذ اعتبر أن سياسة أردوغان كانت دائماً متأثرة بالمسألة الكردية بوصفها واحدة من المسائل المقلقة بالنسبة لتركيا وحكومتها، خاصة وأن علاقة سوريا بالموضوع الكردي في تركيا لم تكن إيجابية دائماً بالنسبة للأتراك، فزعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان لطالما تلقى هو وكوادره الدعم من النظام السوري، ولطالما استخدمت هذه العلاقة من قبل النظام من أجل الضغط على الجانب التركي، وسعت السياسات التركية منذ البداية لكف يد النظام السوري عن تفاصيل القضية الكردية باعتبارها قضية داخلية تركية يجب فصلها عن مؤثرات السياسة الإقليمية

كذلك أشار بالكي إلى المسألة الدينية وأثرها على التعاطي التركي مع الملف السوري خاصة بوجود أغلبية سنية في الداخل التركي، يوازيها حضور لأقلية علوية يشابه الوضع السوري، وهذه الأقلية اتسمت علاقتها بالسوء دائماً مع السلطة إضافة إلى عدم تمكنها من نيل مجموعة من حقوقها، وعلى هذا الأساس كان هناك حركة واسعة من قبلهم للمطالبة الدائمة بحقوقهم، وهو ما حاولت الحكومة التركية تلبية جزء منه

واعتبر بالكي أنه ضمن إطار المسألتين الكردية والعلوية في الداخل التركي يمكن الإطلاع أكثر على الموقف الرسمي التركي من الملف السوري وفهم طبيعة التحركات التركية اتجاهه

كذلك تحدث بالكي عن السياسات الأردوغانية والعلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية بالتحديد في الملف السوري، إذا شكلت محاربة الإرهاب أولوية أميركية في الفترة الأخيرة، بينما أصرت تركيا على أن تحييد بشار الأسد عن السلطة هو أولويتها، كذلك أشار للخلاف التركي مع أميركا في الشأن المصري خاصة بعد عودة العسكر إلى السلطة في مصر وهو الأمر الذي يثير حساسية شديدة في الأوساط السياسية التركية التي عانت مطولاً من الانقلابات العسكرية في فترات سابقة