جريمة نصرالله أبعد كثيرا من القصير -ياسر أبو هلالة

Article  •  Publié sur Souria Houria le 28 mai 2013

أدخل إلى صفحة « شهداء المقاومة الإسلامية » على موقع « فيسبوك »، فأشعر بالأسى لمنظر الأمهات والأطفال والرجال الذين ودعوا أحبتهم في معارك حسن نصرالله العبثية في سورية. أتذكر ذلك وأقارنه بأكاذيب الحزب السابقة حول النأي بالنفس وعدم التدخل، والثقة بقدرة النظام السوري على الحسم. اليوم، خرج السيد بخطاب جديد يسري بأثر رجعي، وهو « حماية ظهر المقاومة »، بعد خطاب « حماية مقام السيدة زينب ». وفي الواقع، لم يمس أحد ظهر المقاومة ولا مقام السيدة زينب. وأسوأ من الخطاب العلني اللغة الحقيقية التي تكشفها مواقع التواصل الاجتماعي.
في اللغة الحقيقية، يطلق المدفع بنداء « يا علي »، ضاربا « بني أمية » الذين قتلوا الأئمة وسبوا نساء آل البيت. هذه الفيديوهات موجودة على مواقع حزب الله، ولو لم يتبنها الحزب رسميا، تماما كما يوجد على مواقع الثورة السورية فيديوهات تحارب المجوس والصفويين. هذه جريمة السيد حسن نصرالله في إيقاظ الثارات التاريخية الوهمية التي تدمر الحاضر والمستقبل؛ عندما يلقن الطفل بأن والده استشهد دفاعا عن عمته زينب التي سباها الأمويون، وأنه على ذات الخطى حتى يلقاه في الجنة.
بنو أمية لو لحقهم الربيع العربي لانتهى حكمهم. فباستثناء الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز، كان ملكهم بنص الحديث النبوي « عضودا »؛ يقوم على استلاب السلطة بالقوة والعصبية. وعلى سيوفهم أريقت دماء كثير من الثائرين؛ من الحسين إلى سعيد بن جبير إلى عبدالله بن الزبير. وبالمناسبة، كانت أول مسرحية أحضرها في حياتي هي « عالم وطاغية »، من تأليف الشيخ يوسف القرضاوي، والتي توثق ثورة سعيد بن جبير على الحجاج.
مع فارق التاريخ، لم يكن بنو أمية مجرد ظهر المقاومة؛ هم بناة الحضارة في الشام، وهم بناة قبة الصخرة الزاهية إلى اليوم، وفوق ذلك هم أهل الفتح. فهذا محمد بن القاسم الثقفي، ابن أخت الحجاج، يقود الجيوش إلى الصين والهند وهو ابن سبعة عشر عاما. والناجي الوحيد من مجزرة العباسيين، صقر قريش عبدالرحمن الداخل، بنى أعظم حضارة في الأندلس، ما تزال إلى اليوم قبلة السياحة العالمية.
المدفع الأعمى لا يصيب بني أمية، ولا الإمام علي مشغول بالثأر منهم. فقد قدم آل البيت، من علي إلى الحسن، مدرسة في تقديم مصلحة الأمة على الحكم، وأسسا لمدرسة في الفقه الإسلامي تقوم على أساس ولاية المفضول بوجود الفاضل.
بالمناسبة، نظام آل الأسد الإجرامي متصالح تاريخيا مع ألد أعداء الشيعة مذهبيا؛ فأكبر معلم في دمشق هو السيف الأموي، واللوحة التي تزين مكتب حافظ الأسد هي معركة حطين التي قادها صلاح الدين الأيوبي الذي أنهى حكم الشيعة قبل أن ينتصر في المعركة. من المثير للحزن والأسى أن يتحول التاريخ إلى مفخخات تنفجر بالأبرياء، وما لم أستطع فهمه في صفحات حزب الله عبارات فارسية عن صراع حزب الله مع جيش السفياني »!
إذن، المعركة ليست في القصير، إنها أبعد كثيرا؛ إنها بين بني أمية وآل البيت، بين العرب والفرس، وبين الشيعة والسنة. هذه معارك من السهل أن تبدأ، ومن المستحيل أن تنتهي. ومن أشعل نهارها هو حسن نصرالله. أما بشار الأسد، فهو يشبه سفاحي الصرب الذين انتهوا مع أول ضربة جوية. وما سيطول هو الحرب الدينية المذهبية العابرة للحدود.