جلَّ جلالك فلسطين – شريف الرفاعي

Article  •  Publié sur Souria Houria le 2 septembre 2012

لم نذهب إلى فلسطين. هي أتت إلينا.
أتت بنسيان العالم لها، بالجلسات المنمقة، بالخطب الرنانة، بغرور المستعمرين القدامى و جلفهم، بربطات أعناقهم، بياقاتهم المنشا ة، بالا شيء الناتج عنهم.
حملت الموت المنسي و أتتنا. حملت نازحيها المكروهين المنبوذين وهواة المساعدات التي لاتأتي. حملت بؤس المخيمات التي أُنشأت لننساهم فيها ثم لنطردهم منها أو نقتلهم فيها.
جُلَّ جلالك فلسطين، كيف تحملت أعوام هذا الوجع الذي هو اليوم فيك مثلما هوفينا؟
جُلَّ جلالك فلسطين كنت كلنا، فأصبحنا اليوم كلك.
من لم يربعد ظلك على الجثث المتعانقة في إلفة اللحظة الأخيرة قبيل خروج الروح، في عنفوان من لم يزل قادراً على دفن الأموات في النهر الجماعي مبسملاً باسم الخالق؟
يا أم الصابرين، يا أم المدن التي باتت تُعرَّف بموتاها، يا أم « الموؤودة أذا سُئلت بأي ذنبٍ قُتلت »، يا أم السجون المفتوحة على وجع الضمير، يا أم ناسنا الطيبين.
هانحن، جراحنا مفتوحة ودمنا نازف. فلسطينيون في سوريتنا و سوريون في عشقنا للحياة.
جُلَّ جلالك فلسطين، لطالما حاولوااختزالك في مخيم ولاجئين فأنجبت لهم غسان كنفاني و محمود درويش. هما قالا أن الأنسان اشد قداسة من الفراشة حين لا يجابه القتل بالحقد فتحولا إلى فراشتين تبلسمان الجروح

لم يختف المخيم بل توسع. صار على كل الحدود، يتأفف منه الكل بإنسانية جمة. يقدمون الفواتير ويرصدون مساحات للأسلاك الشائكة. ثم يصفون الشعب بالعظيم حين يموت أكثر.

ٌجلَّ جلالك فلسطين.