حماة: مذبحة جديدة بمباركة عربية – موفق ملكاوي

Article  •  Publié sur Souria Houria le 1 août 2011

يبدو النظام السوري راضيا عن نفسه و »جهوده »، وهو يشاهد الوفود العربية تترى إلى بابه، في « موسم حجّ مشبوه »، لا يمكن أن تسوّغ له جميع مقولات « الممانعة » و »المقاومة » التي يتم اتخاذها ذريعة لقتل طالبي الحريّة.
وفي الوقت الذي يستصرخ فيه السوريون الضميرين؛ العربي والعالمي، ما يزال هناك من يحاول تسويق تلك المقولات التي تخطتها الأحداث على الأرض، وباتت في حكم الميتة التي يحرم « تناولها » حتى في الأحاديث الضيقة.
أمس، كانت دبابات النظام السوري تعلن عن مذبحة جديدة وهي تجتاح مدينة حماة التي ما تزال تداري جراحها، وتبحث عن أبنائها في قوائم القتلى والمفقودين منذ المذبحة الأولى العام 1982.
وقبلها بساعات، كانت عاصمة الأمويين تستقبل وفودا عربية، باركت للقاتل جهده، ولعنت الضحية، واصفة إياها بأنها تنفذ مخططا إمبرياليا يستهدف « الجهد الحربي » الذي يشرف النظام السوري عليه.
« التضامن » حق محفوظ لكلّ شخص، مع من يراه أهلاً للتضامن، وليس يعنينا في هذا المقام أن بعضهم استغلق عليه الأمر، فعانق الجلاد، ونحر الضحية. غير أن الدم السوري الذي تمّ هدره في جميع المدن والقرى والأرياف، ما يزال يسأل الضمير العالمي عن مغزى صمته، بعد أن كان « حاميا » لفترة ما!
الدم البريء، يسأل كذلك، الضمير العربي، من الإنسان البسيط الذي لم يعد يلقي بالا لما يحصل في سورية العظيمة، إلى الأحزاب « الثورية » العربية التي « جعجعت » بياناتها في مناسبات أقل تراجيدية.
والأحزاب التي تنسب نفسها إلى الله.. كيف تتخطى حاجز البصر، وتغمض على « نظرية مؤامرة » لا يستقيم وزنها!
ويسأل النقابات العربية « الفاعلة »، التي لم تترك « دفّا » إلا ورقصت على وقعه، ما الذي يخرسها عن دم عربي بكل هذا الوضوح!
والجامعة العربية.. أينها اليوم، ولماذا تختلف الحالة السورية عن الحالة الليبية، يوم تداعى العرب في « وقفة رجل واحد » منددين بالطاغية الليبي، بينما لا تحرك الجامعة العربية اليوم إصبعا، لمجرد الإشارة إلى النظام السوري.
بل إن الجامعة العربية تزيد من مأساوية الوضع بزيارة أمينها العام نبيل العربي إلى دمشق، وتصريحاته التي أطلقها بعد لقائه بشار الأسد حول تفاؤله بالإصلاحات التي ينتوي الرئيس القيام بها، وكأنما تلك الإصلاحات التي يتحدث عنها العربي، هي الولوغ في دم الشعب السوري إلى ما لانهاية!

أو ربما هي « الإصلاحات » التي « انتهجها » النظام الملهم المقاوم الممانع بعطفه على شعبه، من خلال استهدافه الأطفال بالتعذيب والقتل، وترويع الشعب بعصابات القتل والسلب التي لا ترحم، وباقتلاع حناجر الفنانين الذين لا يسبحون بحمده!
المجزرة في مدينة حماة متواصلة، وهي تستمد وقود شرّها من مباركة وفود التضامن العربية لنظام دمشق، تلك الوفود التي تخلّت عن سورية الحقيقية وشعبها، وانحازت للجلاد بكل ما يملكه من احتراف للقتل.
المجزرة متواصلة، والعالم الإسلامي، ومن ضمنه العربي، يدخل في الساعات الأولى لشهر رمضان، مستفتحا شهرا طويلا وحارّا من العبادة. وحماة وحدها، تقف عارية أمام جزارها، بعد شهر طويل من الحصار، تعرض أبناءها للقتل عن طيب خاطر، ما دام العالم لا يفهم اللغة الصريحة.