حمص…كلام عن حمص ولها – فلورنس غزلان

Article  •  Publié sur Souria Houria le 23 février 2012
تحتضن حمص عشاقها، كما تحتضن الأرض مطر الربيع.، ترسل إشاراتها للغائبين عن عرسها ، وحده قلبي من رأى التلويحة الأولى..فغادرني على عجل قاصداً بابا عمرو
فماكان مني إلا أن أتخذ من باب الكلام وافراً من النحيب على قبري ، أريد لشاهدته أن تتوجه نحو حمص فهل من معترض؟
تخوضين بجراحك..تغرقين ببحيرة من دماء..لحافك من شوك وصبار..وفراشك أفخاخ ونار…كل الألسنة تصاب بالخرس واللعثمة..كل الحلول تخفي رأسها في صدورأصحابها…لكن  العيون شاخصة إليكِ..تنتظر معجزة الإله رع ..فكل الآلهة يخضعون للتفتيش على أبوابك…كلهم يُسَّبِحون بحمد سماوات هجرتها الملائكة فلم تعد صالحة للأجنحة الشفافة…كل مافي الأرض والسموات السبع تلحقه قذائف السُخطِ على أنواع ناطقيها وغايات معتنقيها…الطرائد على الأرض تلوذ هنا وهناك..تحاول البقاء ..لكنها تجد نفسها في كل زاوية من زواياك ياحمص ..على موعد مع الموت.
هل لنا من مفر أو مقر في بئر عميقة لايراها عسس السلطان؟ هل لي ولكِ من غفوة بين قذيفة وأخرى ، على أطراف سهلٍ صاح فيه ديك الجن يوماً..فرددت جنيات الأرض والسماء  صدى شعره ونكبة أهله المُنتَظرة؟..هل لك يانهرنا العاصي الرافض حتى أن يشبه أنهار الكون ..أن تركب رأسك ثانية وتعلن عصيانك فتنحرف نحو بابا عمرو لتسقي العطاشى؟، من لي غيرك يمكنه أن يطيع ندائي ونداء الثكالى، فكل الكون يقول أنه يسعى!..لكنا من شدة ثقتنا بهم ومن شدة اعتقادنا أنهم خُلّصٌ أوفياء..راحوا يستغلون أدبنا وصبرنا …أغسل يدي بمائك وأتطهر من كذبهم..ابقى على عصيانك ونقائك ..واصرخ بجموع حماة والغاب..كي يكونوا خير رعاةٍ لأبناء حمص وأطفالها…واحتضن معهم رفاة من قضوا وهم يحملون مفاتيح الريح الجديدة ويقتحمون كل مزاليج الأوهام المصبوغة بدم شبان انتفضوا على غريبٍ..تربى على أن السجون بيوت والقيود أساور للطاعة، جاءهم يركب بوارج قنصٍ محترف الموت ..يسدد نيشانه نحو الأفق فيصطاد الشمس وأولادها في حضن حماة وحمص وأبناء اليرموك والفرات ، وبردى …فهل نتركهم يعبثون؟..
لم أعد منسجمة مع واقع..لاعلاقة له بالواقع..فقد اختزلوه ومسخوه لينطق بغوايتهم العاجزة عن انتشال الدب الروسي من بئر طغيان بوتين بن ستالين..فعدت لعزلة الصمت الممهور بريشة من حجر الصوان في قلعة حمص..المستنطقة للحصون بمايفعله من يسمى في معاجم الكون  » رئيساً » يقتل شعبه  ويخطط لإبادة وطنٍ يفضله ممسوحاً من الخريطة على أن يكون عنيداً…معادياً للعبودية.
طفَحتُ بالحزن والجنون..لاتسألوني عن العقل وعن علاقته  بالواقع..واقعهم ..الذي لاأنتمي إليه..فواقعي يقع قرب العاصي ويحتضن ساعة* تتعمد بالنار وتغتسل بالدم ، تقف شاهدة على هولاكو بن الأسد القادم من مجاهل اللامعلوم أصلاً وفصلاً وسلالة.
واقعهم مائل ينحدر نحو درجات لسلم ميزان كوني ومناطقي ، عربي ..غربي لايأبه بحمصَ ولا يعترف بشهادتها..يتفرجون عليها ذبيحة ..تحيط بها غربان النعيق وضفادع تتقن النقيق في مستنقعات السياسة ومخططاتها البائسة..اكتبوا معي ياشهداء حمص..بفؤوس حَفَّرت على عجل لحودكم الطاهرة..خطوا معي ..شواهد المحبة..وكتباً ترسم صوركم على كل عتبة من عتبات حمص..تتحول لشرائك..للإيقاع بكل القوادين..والقتلة..ستكون جثامينكم ..سرادق .. جسورأً لعبور الحرية من العاصي إلى أرجاء سوريا..عهداً لن يمر بشار ..عهداً لن تعرف الكتب بعد اليوم اسماً من هذه السلالة.
*:ـ ساعة حمص الشهيرة الواقعة بوسطها.
فلورنس غزلان ــ باريس 22/2/2012