رأس داعش = رأس الأسد! – محمد ابو رمان

Article  •  Publié sur Souria Houria le 5 octobre 2014

صحيح أنّ نظام بشار الأسد رحّب بالحرب الراهنة على تنظيم « الدولة الإسلامية » (داعش) و »جبهة النصرة » وغيرهما، لأنّ إضعافهما يصب في مصلحة الأسد، عسكرياً، على المدى القريب. إلاّ أنّ الأسد نفسه وحلفاءه يدركون، على المدى البعيد، بأنّ أهداف الحرب السياسية ستتجاوز « داعش » إلى ترتيب الأوضاع في سورية، وهو ما لا يمكن أن يحدث من دون « رأس الأسد »! متى يمكن أن تعلن الولايات المتحدة نهاية الحرب؟! هذا سؤال مهم وأساس. فحتى لو أضعفت « داعش » و »النصرة » اليوم، وتمكّنت من تسديد ضربات حاسمة لهما، إلا أن الولايات المتحدة لن تتمكن من ترك سورية من دون حلّ سياسي واضح، مانحة الأسد فرصة استثمار اختلال التوازن في المعادلة العسكرية؛ إذ ستنمو، في هذه الحالة وخلال فترة قصيرة، تنظيمات ومجموعات أشد شراسة وأكثر غضباً من « داعش » في المجتمع السنّي هناك، بعدما يشعر بأنّ الولايات المتحدة انحازت لطرف دون الآخر. في النتيجة، لن تكون الولايات المتحدة قادرة على الخروج من سورية من دون حلّ سياسي. وهو ما لا يمكن أن يتم، داخلياً وإقليمياً، مع بقاء الأسد على رأس السلطة. لذلك، سيجد حلفاء أميركا والأسد الدوليين والإقليميين أنفسهم أمام معضلات حقيقية لها مفتاح ذهبي واحد، هو بناء خريطة طريق لمرحلة انتقالية تتزامن وتتوازى مع إعادة هيكلة النظام السياسي وإخراج « الأسد » من المشهد تماماً! في نهاية اليوم، لا يوجد أمام الجميع سوى هذا الخيار. فالمعارضة « المسلحة » المعتدلة لن تكون بديلاً قادراً على ملء الفراغ ومواجهة الأسد من دون دعم وإسناد دوليين فاعلين، وبلا أفق سياسي يمنح الأمل للناس ويجفف أهم مصدر لقوة « داعش » وصعوده وعودته، ويتمثّل في « الحاضنة السنية ». كما أنّ الحسم العسكري لصالح الأسد سيفجّر المنطقة بأسرها، وليس فقط سورية، وسيؤدي إلى إدخال الجميع في شبح حروب أهلية طائفية عابرة للحدود. على الطرف الآخر، لا يبدو وضع الأسد ولا حلفاؤه الروس والإيرانيون بحالٍ جيدة في سورية. فبالإضافة إلى وصولهم إلى إدراك نهائي قطعي بوهم الحل العسكري، فإنّ الأسد تكبّد خسائر فادحة خلال الأشهر الأخيرة في شمال البلاد وغربها، وفقد السيطرة على أغلب المناطق، بما فيها الأحياء المحيطة بدمشق، فأصبح الوضع الاقتصادي والأمني والسياسي والاجتماعي حتى في قلب العاصمة في حالة الإنعاش وعلى شفا الهاوية. وإذا ما تمكنت بعض التنظيمات من استخدام الصواريخ التي تحصّلت عليها مؤخراً، فستصبح المؤسسات الرسمية جميعاً في مرمى النيران. وضع الطائفة العلوية لا يقل سوءاً عما سبق، فهي تشعر اليوم أكثر من أيّ وقت مضى بأنّها مهددة وجودياً. إذ تشير بعض التقارير إلى مقتل عشرات الآلاف من أبنائها خلال فترة الحرب. وهو ما يشكل نسبة كبيرة جداً بالنظر إلى حجم الطائفة كأقلية، ومثل هذه الكلفة الباهظة إنسانياً واقتصادياً بلا أفق سياسي لن تكون محتملة على المدى البعيد. ما يعني أنّ طرح أي صفقة تحمل ضمانات حقيقية دولياً وإقليمياً لهذه الطائفة، تتضمن التخلي عن الأسد، سيكون أمراً مقبولاً وأفضل في كل الأحوال من الوضع الراهن. لن يكون بقاء الأسد في السلطة أمراً مقبولاً للولايات المتحدة ولا بعض حلفائها العرب، ولا حتى أغلبية السوريين السُنّة الذين يحملونه تبعات كل ما حاق بهم. وبات واضحاً أنّه فشل في إقناع الغرب بإدماجه في الحرب على الإرهاب، كما أنّ وهم الحسم العسكري تبدّد تماماً، والغرب أصبح يصل حالياً إلى كل مكان في سورية، وهناك إدراك بأنّ نهاية الحرب لن تكون إلاّ بحل سياسي. كل ذلك يعني أمراً واحداً، وهو أنّ ثمن رأس « داعش » سيكون رأس الأسد نفسه.