رزان غزاوي في عيون الأصدقاء – رؤى الطويل

Article  •  Publié sur Souria Houria le 14 décembre 2011

رزان التي عرفتها فتاة جريئة وصريحة ولا تخشى أحد. تسعى لنيل الحرية وتقدس بلدها سوريا.. إلتقيتها وهي تنادي بالحرية وعرفتها وهي تناضل من أجل سوريا. غابت عن وطنها ولكنها حملته دوما داخل قلبها
رزان فتاة طالبت ليس بحرية القلم فقط، بل بتحرير جميع الأسرى، خاصة السياسيين منهم، سعت لأن تكون سوريا وحدة واحدة ولا تنقسم إى طوائف وجماعات. والآن وبدلاً من يتحرر الأسرى دخلت هي المعتقل لتذوق مرارة العيش خلف القضبان، ولكنها لن تتخلى عن سوريا رغم هذه المعاناة…  » زاهي علوي- محرر صحفي

في سوريا فقط .. الجهلاء يحكمون الأمة بينما تعمر السجون بالمفكرين
رنّة صوتك أو جرّة قلمك هي تهم سارية المفعول و كفيلة باختفاءك.. علناً
في سوريا فقط.. الحريّة و الديمقراطية و الدولة المدنية هي مرادفات للخيانة العظمى و المؤامرة و الحرب الطائفية!!
في سوريا فقط.. طالب الحريّة هو متمرد. و عارف الحقوق هو عميل. و ثائر القلم هو متآمر.. بل و أكثر .. عصابة مسلحة سلاحها الصوت.. الذي لا يجابه إلا برش المدافع
يحصل في سوريا فقط أن كلمةً .. أو صورة ً.. أو مقالاً.. تنشر على صفحات الإنترنت و مواقع التواصل الاجتماعي .. كفيلة بهزّ كيان الدولة و إضعاف نفسيتها!. في سوريا فقط, ما من داع لوجود سبب قانوني.. و لا حتى منطقي .. لتكون هدفاً للخطف أو الاعتقال.. يكفي أن تفكّر.. ثم أن تعلن كفرك بأصنام الجهل
آلاف و آلاف من الشباب السوري قد طالتهم الاعتقالات العشوائية و حملات الاختفاء القسري خلال الأشهر التعسة الماضية. و لم و لن تنته باعتقال الناشطة و المدونة السوريّة رزان غزاوي
المفارقة أن رزان كانت في طريقها لحضور ملتقى المدافعين عن حرية الإعلام في العالم العربي في عمّان ممثلةً المركز السوري للإعلام و حرية التعبير.. حيث لا مكان للحريّة في بلد حكمه ويحكمه القمع و الاستبداد
و فقط.. انطلاقاً من حرصنا على جمع أجزاء صورة تلك الفتاة التي يعتبرها الأمن السوري مصدر خطر هائل, نقوم بنقل بعض شهادات لأشخاص تعاملوا و عملوا مع رزان.
لا تعرف شيرين الحايك كيف تبدأ الحديث عن رزان « الصديقة و الزميلة في التدوين و الناشطه التي لا ترى طريقا ً في العتمة إلّا بضوء الإنسانيّة و هو الرابط الأقرب إلى ذهني بين هذه الصفات جميعا ً – رزان الإنسان- « .. الإنسان هي المرادف الأبرز لـرزان في ذاكرة شيرين التي لا تكاد تذكر أن حديثاً دار بينها و بين رزان يوماً  » لم يندمج فيها حسّها الإنساني تجاه أبسط أو أعقد الأمور موجودا ًو بقوّة بين ثنايا اللغة »
 » و هنا يعود ُ إلى ذهني العديد من الأحاديث التي دارت بيننا أبسطها هو حديث ٌ دار حول عنزة ٍ حاولت رزان إنقاذها من أيدي صبية ٍ في احدى القرى منذ ُ سنين. . يعود ُ إلى ذهني هذا الحدث تحديدا ً لأنه ُ من أوائل الأحاديث التي دارت بيننا و أعطتني انطباعا ً عن مدى سلميّة و إنسانيّة رزان. فيمكن ُ لأيّ شخص ٍ يقرأ هذه السطور أن يفتح صفحة رزان على التوتير أو الفيس بوك وأن يسأل أوّل عابر سبيل ٍ أو صديق إن كان بإمكان رزان أن تؤذ أيّ كائن ٍ كان.. و سيكون السؤال نفسه ُ أمرا ً مستهجنا من قبل أصدقائها
عندما وصلني خبر إعتقال رزان ، شعرت ُ بأنّ رصاصة ً استقرّت في مكان ٍ ما في جسدي ، تلك الصدمة التي يتركها ألم اختراقها للعظم ، لم أصدّق الخبر فآخر رسالة ٍ تلقيتها منها كانت قـُبيل ساعات ٍ فقط
تكمل شيرين وصفها لوقع اعتقال الأمن السوري لـرزان في نفسها قائلة: « المفاجأه الأكبر كانت بأنّ تلك الرصاصة أزهرت برعما ً من التحدّي في داخلي , رزان كانت دائما ً أوّل من يسارع لنصرة أيّ معتقل و هي كانت مستعدّة ليوم ٍ كهذا اليوم و لذا شعرت ُ يمسؤولية و تصميم أكبر على السير في نفس الطريق نصرة ً لرزان و لكلّ معتقلي الرأي »
 » رزان و منذ بدء الأحداث في سوريا و حتى هذه اللحظه لم تؤذ أحدا ً و لم تحمل سلاحا ً أو تطالب بحمله ، بل كانت تؤكد دائما ً على السلمية و تركز ُ على قدرة الإنسانية على تحسين وجه العالم , فما من مبرر ٍ لإعتقالها سوى أنّ النظام يخشى من الكلمة و رزان صاحبة كلمه حق ». و تضيف شيرين و هي تحاول أن تجد بضع كلمات تختزل به كل ما عرفته عن رزان: « و كما كتبت جيلان في الغاردين عن رزان: <اذا كان هناك شيء واحد يمكن أن يمثّل رزان أكثر من أيّ شيء آخر فهو ايمانها بقوّة الشعب ، ليس َ بالسياسيين ، ليس بالأحزاب إنما في الأفراد> »
أمّا حسين غرير , المدوّن السوري الذي خرج للتو من المعتقل, يحدثنا عن رزان فيقول: « كانت تزعجني في بعض الأحيان بتقلبات مزاجها إلا أني كنت أحب نشاطها وحركتها الدائمة، إنها رزان غزاوي الطفلة التي تأبى أن تكبر. كانت طفلة بمزاجيتها وأحلامها بالعدل والمحبة والمساواة. انتقلت من غزة إلى بيروت والضاحية الجنوبية ونهر البارد إلى المحلة الكبرى في مصر مروراً بدمشق، مرة بقلمها ومرات بجسدها وروحها، حطت برحالها أنى وجد مظلوم . هي التي قالت <في سوريا لا شيء يحدث, هنالك ظلم كثير ومظلومين كثر, لكنّ الجميع مرتاح لعدم الحديث عن أنواع الظلم وعن محاربة أنواع الظلم>. ساءها دائماً أن يشيح الإنسان بوجهه عن أخيه المظلوم فقتلت الصمت بداخلها. كانت متحمسة عندما نفض السوريون عنهم غبار القهر وكسروا الوهم و جدار الخوف في نفوسهم فكانت سنداً لهم في كل لحظة. وعندما خرجت من أقبيتهم الباهتة قبل أيام، أردت أن أضمها وأقول لها: شكراً من أعماقي لأنك لم تتركي زوجتي تقف وحيدة في مواجهة الألم، لكنهم سبقوني إليها وأخذوها… وسوف تعود الطفلة. »
و حدث أن رزان حطّت رحالها في ميدان التحرير حيناً, فعايشت روح الثورة المصرية , و شاركت شبابها تطلعاتهم و تأملاتهم.. و هناك قابلت المدوّن المصري أحمد حجاب الذي لم يستطع إخفاء صدمته من الخبر كما قال لنا:  » صدمني خبر إعتقال رزان غزاوي الملاك السوري الذي قابلته لأول مره في ميدان التحرير , عندما تتحدث معها لا تعرف اذا كنت تتحدث مع أم حكيمة او طفلة صغيرة خائفة, كانت أحاديثنا تدور عن الثورات العربية و مدي خصوصية كل ثورة , كانت الأحداث في سوريا في بدايتها و رأيت الخوف في عينها , كانت ضد إستخدام العنف في سوريا بأي حال! كانت تؤكد أن سبب نجاح المراحل الأولي من الثورة المصرية و إحترام العالم لها كانت السلمية التي امتاز بها المصريين في تعاملهم مع العنف , كما أنها خشيت دائماً مما قد يرتكبه النظام الحاكم بحق الشعب السوري. كان حماس الثورة يغمرنا نحن المحيطين بها كما هي الأجواء في مصر, و أكثر ما كان يعني رزان هو عدم وقوع ضحايا جدد. »
أخبرنا أحمد عن عزم رزان السفر إلى سوريا رغم تحذيرهم لها بعدم العودة و رغم كل الجهود لحثها على البقاء في عملها في القاهرة, و أضاف:  » لقد رفضت و قررت السفر الي بلدها في ظروف تعرف انها ربما تتعرض للإعتقال , كانت تعرف إنها يوما ما ستدفع ثمن التفكير في ظل نظام يعتقل من يفكر , شكرا لإعتقال رزان فأنتم تحررون افكار الخائفين و كل يوم تخلقون احرار جدد
أمّا أسعد ذبيان, المدوّن اللبناني, فيرى في رزان الإنسان الذي لا يعيقه عن العالم أي حدود, و لا يمنعه أي اختلاف في المحيط أو اللغة أو الخلفيات التعليمية و الإيديولوجية, من كسب صداقات جدد و متنوعة مع أشخاص من مختلف الأطياف
من أبرز ما يتذكر أسعد عن رزان خلال معرفته بها , التي بدأت في بيروت, حادثتين, يخبرنا بهما فيقول :  » الأولى كانت منذ ثلاث سنوات, في معرض الكتاب في بيروت عندما قدّمت نقداً لاذعاً لمجموعتي الشعرية, و الذي تبيّن فيما بعد أنها كانت على حق تماماً. المرة الثانية كانت في منزلها حين دعتنا لمقابلة أختها و مجموعة من أصدقائها ذوي الجنسيات المختلفة. عندها فقط, ادركت كم حرصت رزان دائماً على رصد القضايا الهامة المحقة.. لأنها ببساطة لم تحدّ نفسها بصداقات من خلفيات واحدة, و هي كانت دائماً قادرة على التكيّف و الإندماج مع أي شخص بغض النظر عمن يكون أو تكون. رزان ليس لديها حدود تحدّها أو تفصلها عن اتخاذ أي إنسان صديقا لها
و ينقلنا أسعد إلى المرة الأخيرة التي قابل فيها رزان و كانت منذ أربع شهور في مصر. محدثا ايانا عن شعورين لمحهما في عيون رزان آنذاك قبل شفاهها: الخوف و الأمل « كانت خائفة على بلدها مما قد يفعله النظام في سبيل إسكات و قمع الثورة , و في الوقت ذاته, كان الأمل في إرادة الناس من مختلف الخلفيات؛ متعلم و أمّي, فقير و غني, مسلم و مسيحي و غير مؤمن, شاب و شايب.. كل إنسان في العالم العربي يعرف الآن كيف يقول: لا , المرادفة التي طرحتها رزان دائماً في وجه الأنظمة الاستبدادية المتحجرة , المجتمعات, و الناس
ان ما حدثنا به أسعد عن انفتاح رزان على الآخرين و قدرتها الخلّاقة على تقبّل الاختلاف و خلق بيئة مريحة تتسع للجميع.. نجده مجسداً و مؤكداً بكلمات المدونة فرح عنها:  » لم أكن أنا ورزان لنتفق كثيراً بالآراء، ربما لكل منا وجهة نظر، لكن ذلك لم يؤثر في صداقتنا التدوينية، كنت أتابعها بشغف لانها مختلفة عني تماماً وأحببت أن أتعرف عليها أكثر .. وفعلا التقينا عدة مرات بحالات وبأماكن متنوعة, ربما أكثر ما يميز رزان هو الوضوح.. الوضوح في معالم الوجه، لا أعرف لماذا عندما أنظر لعينيها أشعر بالوضوح، أشعر بالقوة
حسناً صديقتي رزان، اليوم أشعر بالخوف عليك والحزن العميق، اليوم عندما أنظر لصورتك يغيب عني الوضوح لتسكنني كل مشاعر الألم، والحزن.. لكن لومضة أشعر بنظرتك أنك أقوى من أن يغتالوا فيك حرية القلب ..اشتقناك .. جميعاً.. عودي .. سريعاً للحروف ولنا.. »

رزان غزاوي هي الإنسان.. هي الكلمة .. هي الرحالة بين بلاد العرب و الغرب لتمارس حاجتها الفطرية و حقها السلمي في دعم القضايا المحقة.. هي منبر من لا صوت له.. مصدر إلهام لكل ناشط.. و منبع لا ينبض للقوة و للإصرار رزان غزاوي هي المدونة السورية: رفيقة دربهم.. رفيقة حلمي.. و رفيقة معاناتكم

عـودي.. سـريـعـاً يـا رزان.. لـنـا و لأجـلـنـا

12/11/2011

http://www.syrianreality.com/content/135?utm_source=Syrian_Reality&utm_campaign=ceb7284320-Newsletter13_12_212_13_2011&utm_medium=email