طل الملوحي وروان قداح – مراد بطل الشيشاني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 15 octobre 2013

من المؤكد أن هناك الكثير من قصص البطولة لنساء سوريات في ظل أزمة دموية مستمرة منذ ما يزيد على العامين لم تجد طريقها للإعلام، ومنها ما وجد ولم نعرف عنها، فالمرأة تتحمل في الصراعات المسلحة -والصراع في سوريا مثال صارخ- عبئاً كبيراً وتدفع الثمن الأغلى باعتبارها أماً تنتج، وتفقد، وهي الراعية، لأن الحروب عموماً وقودها الرجال، والأهم حالة الترميز العالية التي تمثلها في مثل تلك الصراعات.
منذ أيام خرج التلفزيون الرسمي السوري بحكاية بائسة مجبراً -وفق المعارضة السورية، ووفق طبيعة الحكاية ذاتها- فتاة سورية اسمها روان قداح (15 عاما)، على الظهور على الشاشة لتتحدث عن استغلال أبيها لها لتمارس «جهاد النكاح». وهذا عنوان لحكاية بائسة أيضاً يروج لها النظام السوري وحلفاؤه، وأيضاً عدد ممن يمارسون الصحافة والإعلام بمنطق الإثارة، وتقوم على إشاعات بأن مقاتلي المعارضة يمارسون الجنس مع فتيات قدمن، لهذه الغاية والترفيه عن المقاتلين بحجة الجهاد، إلى سوريا.
عدا عن غياب أي أدلة، عدا عن ادعاءات ممجوجة، في الحديث عن «جهاد النكاح»، فإن لا الفقه الإسلامي يجيز مثل هذه الأفعال، وهو الإطار الذي تدعيه معظم الجماعات المسلحة، المتهمة بهذا الفعل، ولا شهدنا مثل هذا الحديث -أو الممارسة- في جبهات «جهادية» أخرى، سواء في أفغانستان، أو الشيشان، أو البوسنة، أو العراق… إلخ وكلها جبهات نشط فيها التيار السلفي-الجهادي.
أوساط المعارضة السورية كشفت أن روان هي ابنة ناشط في المعارضة السورية، والآن قيادي في إحدى المجموعات المسلحة المعارضة في درعا، وأن روان تم اختطافها ليمارس ضغطاً على والدها. ورغم أن إخراجات مسرحية ضعيفة بات أمراً معتاداً من قبل النظام السوري منذ بداية الأزمة، فإن استخدام المرأة وترميزها لإرسال رسالة من رجل إلى رجل آخر مسألة طالما مارستها القوى المتعسفة في الحروب، ولعل أبرز أمثلتها الاغتصابات في الصراعات المسلحة مثلاً.
هذا ما سعى النظام السوري فعله في حالة روان -وغيرها أيضاً-، ولكن فإن تأثير هذه المحاولة جاء عكسياً، حيث تم تكثيف رمزية روان من قبل معارضي نظام بشار الأسد، لتمنح صفة الأيقونة التي تنتشر صورها -كبطلة- على صفحات هؤلاء المعارضين في وسائل التواصل الاجتماعي.
هذه الحكاية تذكر أيضاً برمز نسوي سوريا آخر -وهن كثر-، وهي طل الملوحي التي كانت مجرد -وهنا تستخدم للتدقيق- طفلة مبدعة (من مواليد 1991)، قادرة على الكتابة بشكل جميل في مدرستها في حمص، وهو ما أقلق قوى الأمن المدججة بالسلاح والاستبداد، لتعتقل مرات، وتسعى عائلتها للاستقرار في مصر، ويضيق عليها هناك، وبعد عودتها، وفي العام 2009 تعتقل إلى اليوم، حيث يذكر اسمها في الحديث عن تبادل للأسرى هذه الأيام. وقد اتهمت الملوحي بـ «التجسس لقوى أجنبية»، وتعرضت لحملة تشويه كبيرة.
ولكن كما في حالة روان قداح، فإن طل الملوحي تحولت إلى رمز للمعارضة السلمية السورية، أو معارضة القلم، التي غابت عن سوريا حالياً أمام صوت الرصاص، ولكن، مهما يكن من أمر، وكما تحولت كلتا الفتاتين إلى رمز عكس ما كان أريد لهما من قبل النظام، فإن الثورة السورية أنتجت الكثير من الرموز، ويبدو أن دورها متعاظم جداً فيها، ويبدو أن المرأة السورية على رأس تلك الرموز.