عاش الأسد.. ماتت سورية – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 14 septembre 2013

مجرد أيام معدودة من التلويح الأميركي (المتردد) باستخدام القوة العسكرية، وإن مع ضمانات بأن تكون الضربة محدودة جداً، كانت كافية لإقرار نظام بشار الأسد صراحة بالسر المعروف بامتلاكه أسلحة كيماوية؛ ملتزماً بوضعها في عهدة المجتمع الدولي تمهيداً لتدميرها، مع المسارعة إلى الانضمام إلى معاهدة حظر انتشار السلاح الكيماوي. في المقابل، كان النظام ذاته قد قرر زج سورية في حرب لا تُبقي ولا تذر، رفضاً للإقرار بأبسط حقوق الإنسان السوري المستلبة منذ عقود، ولو كانت على مستوى إطلاق سراح أطفال معتقلين يخضعون للتعذيب، ومنح شهادات وفاة لمختفين في سجونه منذ عقود.
في الأثناء، تواصل إسرائيل غاراتها على سورية، مستهدفة مواقع ومخازن أسلحة استراتيجية للجيش السوري. وحتماً ما يزال الجميع يذكر تعهد نظام الأسد، عقب الغارات الإسرائيلية الشهيرة في أيار (مايو) الماضي، بأنه سيتوقف عن عدم الرد و »التسامح » اللذين اشتُهر بهما تاريخياً في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، قبل اندلاع الثورة بأعوام طويلة وأثناءها؛ بل وهدد بفتح جبهة الجولان، إن لم يكن إشعال حرب. إلا أن الإسرائيليين يكشفون، كما هي العادة، عن غارات بلغت أربعاً على الأقل منذ بداية العام الحالي! آخر ما عرف منها، وليست آخرها بالضرورة، نُفذت بعد كل تلك « التعهدات »، وتحديداً في 5 تموز (يوليو) الماضي، مستهدفة مخازن صواريخ « ياخونت » المضادة للسفن في اللاذقية؛ ودائماً بدون رد سوري، بل وإنكار أولي، كما هي الحال دائماً، لوقوع العدوان من أساسه!
تسامح وضبط نفس، وتنازلات متسارعة في مواجهة من يُفترض، وفق قول النظام، أنهم الأعداء، لا تقابلها إلا دموية نادرة في تاريخ البشرية كلها في مواجهة من يُفترض أنهم مواطنو هذا النظام؛ وبما يؤدي (حتى الآن، ووفق المؤكد من معلومات متاحة) إلى حصد أرواح أكثر من مائة ألف سوري، وأضعافهم من المعتقلين والمختفين، وملايين المهجرين، نزوحاً ولجوءاً. هل تبدو ثمة غرابة أو تناقض بين موقفي النظام؟
أبداً، ثمة انسجام تام، لأن الهدف المعروف إنما كان وما يزال هو بقاء الأسد ونظامه، أياً كان الثمن الذي تدفعه سورية والسوريون؛ بل وكذلك التشبث بكل مكتسبات النظام التي حاز عليها فقط بحكم الفساد والاستبداد، الأمر الذي يفسر رفض احتواء الثورة الشعبية في بداياتها، ويوم كانت سلمية خالصة، عبر تبني ولو الحد الأدنى من الإصلاحات.
وفق هذا المعيار، يكون من حق الأسد المسارعة إلى الادعاء، وعن حق، بتحقيق النصر، بل والاحتفال بذلك. كما يحق لمن شاء المسارعة بدوره إلى تهنئة الأسد بنصره هو وحده، فلا مجال لادعاء النصر لسورية التي يتم تجريدها من سلاحها، تقليديا كان أم غير تقليدي، وقبل ذلك إفناء مواردها، فقط لأجل الأسد! وطبعاً يظل أهم تلك الموارد هو الشعب الذي يصر الأسد وحلفاؤه على إنكاره، إلا بكونه عدواً، بل والعدو الأوحد، بدليل أنه وحده من استُخدمت وتُستخدم ضده الأسلحة كلها، بما فيها الكيماوية، وهو الشعب/ العدو الذي يُهجّر ويُعتقل ويُهان.