على موعد مع مياه القصر- عاصم حمشو

Article  •  Publié sur Souria Houria le 4 janvier 2013

على موعد مع مياه القصر


يعرف كل السوريين ما  يعني لهم الخبز معنويا وماديا حيث كان النظام يتعامل مع هذه المادة التي تعد من أساسيات الحياة اليومية بطريقة الغزل فكانت موجودة على لسان كل الخطب العصماء لهذا النظام وبقي سعرها مخفضا لفترة طويلة كبادرة خير من هذا النظام مع ارتفاع فاحش بأسعار باقي المواد .. حتى أصبح الخبز مرتبط بسيطرة الإقناع لدى النظام على الخير الذي يستفيضه لشعبه ..ومعروف لدى كل العالم ما يحمله الخبز من قداسة لدى السوريين ففي كل الشوارع السورية النظيفة منها والمتسخة لا تجد قطعة خبز مرمية على الطريق وإن وجدت يتسابق المارة لالتقاطها وتقبيلها ووضعها في مكان بعيد كل البعد عن دعسات الأقدام …

وعلى محور آخر حيث يعيش الشعب السوري الثائر بأحنك الظروف قساوة ليتحمل عبء الشتاء القارص وضمن حملة ممنهجة يقوم بها النظام تفريغ مناطق من مادة المازوت دون مناطق أخرى وجعل أبنائها يموتون تحت سلاح آخر حيث تجد أن جميع محطات الوقود التابعة للمناطق الثائرة لا يصلها أي شيء من مادة المازوت وكل العالم يرى بعينيه ما يعانيه السوريين من وراء تحالفهم مع الطاغية …

اليوم وبعد عامين من الثورة تجتمع الجهات الدولية الداعمة لنظام القتل في سوريا لإيجاد حلول للخروج من الأزمة الدولية المتعلقة اليوم في الصراع الكوني المتمثل في المعسكرين الدوليين على الساحة السورية .. هذان المعسكران متفقان في إنشاء اتفاقياتهم المتمحورة بين إرضاء الروس وقوتهم العسكرية في خطهم ما قبل الأخير في الشرق الأوسط واهتمام الفرنسيين بهذا الشعب والذي يعتبرون أن لهم جزء كبير من ثقافة هذا الشعب ومن بعدها بمصالحهم الرأسمالية والأمريكان اللذين يعملون وعبر منظمات المجتمع المدني لاختراق الشعب السوري ووضعه كله في كف CIA عن طريق ما يسمى NGO ومؤسسات دعم الشباب …

وكل العالم شاهد كيف بدأت الجهات الدولية تعير انتباهها لجزء من العسكرة التي تصفها بالمتطرفة ووضعها في خانة الإرهاب من جهة ودعمها مادية وبالسلاح النوعي من جهة أخرى وتتيح لها أغلب وسائل الإعلام لتكون منبر لها عن طريق بعض شخوص المعارضة المستعرضة التي لها ارتباطات بعيدة كل البعد عن الثورة والوطنية ولكن شاءت الظروف وسمحت لها لتكون في صفوف الشخصيات والجماعات التي تصارع النظام …

كل هذه الأسلحة التي يشنها المجتمع الدولي بالاتفاق مع عميله بشار الأسد كانت الثورة تقف بوجهها وخصوصا أن الثورة السورية لا تحمل شكل القطبية ولا يوجد لها رأس يستطيع التحكم بها .. بل هي ثورة أفقية الشكل تحمل بغالبيتها نفس المعايير وروح المواطنة السورية لهذا لا يمكن لأحد أن يتحكم بها…

اليوم تقوم هذه العصابة مجتمعة لاستخدام كل هذه الأسلحة مرة واحدة للضغط على الشعب السوري وكان أكثر هذه الأسلحة بشاعةً هو سلاح الخبز المقدس عند السوريين والذي تمثل في ضرب أفران الخبز في الكثير من المناطق وإعطاءه صبغة الدم .. وما فعله في مدينة المليحة في الغوطة الشرقية لمدينة دمشق حيث تجمع الناس على محطة الوقود بعد سماعهم عن نبأ وصول مادة المازوت إلى المحطة وتجمهر الناس وأغلبهم من الأطفال اللذين كان حلمهم الوحيد أن يمتلأ وعائهم البلاستيكي قليلا من الدفء حتى ولو لم يشاهدوه يحترق وما كان بهذا الكرم الذي منحهم إياه النظام إلا خطة لإحراقهم بضربة واحدة في إستراتيجية يتبعها النظام تحت عين المجتمع الدولي ضارب به عرض الحائط كل المواثيق الدولية التي تحرم ضرب التجمعات السكنية ومحطات الوقود والمشافي والأفران والمدارس ..كل هذا للضغط على الشعب السوري ليصل بتسليمه بمقررات الأمم المتحدة في خطة تم الاتفاق عليها في اجتماع جنيف لتمرير الحل اليمني على سوريا بالاتفاق بين الأمريكان والروس ونظام الأسد الذي بات سقوطه وشيكاً على أيدي الثوار الذين بدؤوا بترتيب صفوفهم للضربة الأخيرة والتي استفاقة لها اللاعبون الدوليون بسياساتهم المصلحية وأعلنوا بدء صراعاتهم للحصول على أكبر قدر من المساومات قبل سقوط الأسد …

هل تريد الخيانة الدولية من الشعب السوري أن ينتظر حتى يأتي الصيف وتكون آخر مجازر النظام على الناس المجتمعين من العطش على ضفاف نبع الفيجة .. ما أراه اليوم في كل دمعة وشهقة أم سورية أننا سنشرب من مياه القصر الجمهوري قريبا وسيبقى العالم كله خارج لعبة الشعب السوري

المصدر: http://www.scn-sy.net/ar/news/view/10637.html