عندما يقتل حزب الله شيعيا! -ياسر أبو هلالة

Article  •  Publié sur Souria Houria le 19 juin 2013

في كل لبنان، حزب الله هو الجهاز الأمني الأول. وتوجد لدى الدولة اللبنانية أجهزة أخرى، يزيد حضورها وينقص بحسب السقف الذي يحدده حزب الله لها. ويترك الحزب، بحسب المقتضيات السياسية، هامشا للحركة لمن شاء، حيث ما شاء. لكن الاقتراب من المطار مثلا كان خطا أحمر، والاتصالات الأرضية كذلك، والضاحية الجنوبية. أما السفارة الإيرانية، فهي رمز الولي الفقيه، نائب صاحب الزمان الإمام الغائب، الذي يعمل حسن نصرالله « وكيلا » له، بحسب موقعه الرسمي، وهي أهم من القدس، وحتى القصير!
لا يوجد مجال للخطأ عند حزب الله؛ لا يحق لأحد أن يقترب من السفارة، فكيف بشيعة؟ لا تُترك الأمور لردة فعل عفوية؛ يتعامل أصحاب القمصان السود مع الموقف بالعصي. حركة الإعلام « الحر » منضبطة تماما، لا مجال للخطأ؛ فما يسمح بنقله باقتضاب هو فقط لإيصال رسالة بحدود مرسومة بدقة، بما فيها قتل هاشم السلمان، المسؤول الطلابي في تيار الانتماء الوطني.
في منطقة منثورة بكاميرات المراقبة وعناصر أمن حزب الله وأمن السفارة، وفوق ذلك الجيش اللبناني، يمكن بسرعة وسهولة معرفة القاتل والقتيل؛ فعدد المتظاهرين أمام السفارة محدود، وعدد مقاومة التظاهر أكبر منهم. طبعا، مثل اغتيال رفيق الحريري وما تلاه من جرائم اغتيال، لا أحد يستطيع معرفة القاتل، والأفضل هنا اتهام العدو الصهيوني الذي يسعى إلى إحداث فتنة طائفية، أو الموضة الجديدة لنصرالله « التكفيريين »!
المشكلة في هذا الاتهام هي أن المقتول شيعي أيضا، ومن بلدة عدلون في الجنوب التي قدمت « شهداء » في انتصارات الحزب الكبرى في القصير! فالفتنة مع من؟ حتى كامل الأسعد مسؤول التيار لم يجرؤ على المشاركة في تشييعه، فالحزب لا يسمح بتحويله إلى « حالة »؛ هو مجرد رسالة بأن المس باحتكار حزب الله وذراعه السياسية حركة أمل للطائفة الشيعية نتيجته القتل.
رصاصات حزب الله تستطيع أن تصل لخصوم الحزب من الشيخ الأسير إلى الحريري وجنبلاط وجعجع.. لكنها وصلت لشاب شيعي مغمور، وأراد الحزب أن يبقيه مغمورا حتى بعد مقتله. حتى صحيفة « الأخبار » التي تعبر بدقة عن مواقف الحزب، أسبغت لقب « شهداء » على قتلى عدلون في القصير، ونزعت عن هاشم السلمان هذا اللقب، مع أنه كان يمكن صرفه له واتهام الصهاينة والتكفيريين بدمه، أو حتى على طريقة صدام حسين مع أصهاره المنشقين عندما أطلق عليهم « شهداء صولة الغضب »!
حزب الله يتبع الخطة « ب »؛ لم تعد له طموحات لدى جماهير الأمة، وصواريخه ورصاصه لا تتجه للعدو الصهيوني من العام 2006؛ طموحاته تنحصر داخل الطائفة حيثما وجدت، في سورية ولبنان والعراق، وصولا إلى الحوثيين في اليمن. وبالمناسبة، يقاتل الحوثيون مع الحزب في سورية، وإيران تمدهم ببواخر السلاح في اليمن، وهي تفوق كثيرا ما توصله لحركتي حماس والجهاد الإسلامي.
للأسف، بصمت مضى هاشم السلمان، وهذا مصير أي منشق شيعي. وكثير من الشيعة العلمانيين الذين يختلفون مع الحزب تلقوا نصائح من أصدقائهم بأن مواقفهم ضد الحزب مشكورة، لكن الثمن باهظ؛ أوقفوا تغريداتكم على « تويتر »، أوقفوا التعليقات على « فيسبوك ».. لا تفكروا في المواجهة مع الحزب، مع أن هذه المواجهة هي التي تحبط مشروعه في الحرب الأهلية.
في الأثناء، تجد من « يتباكى » متخوفا على مستقبل الديمقراطية عقب رحيل بشار، ولا أحد يرفع الصوت على اغتيال احترافي في وضح النهار لناشط طلابي سلمي يتظاهر أمام سفارة أجنبية، ويبقى القاتل مجهولا وكذلك القتيل! هكذا قرر السيد وأذعن الجميع، بما في ذلك الإعلام!