غموض « الكيماوي » السوري – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 8 décembre 2012

ثمة ما يدعو إلى الارتياب المشروع تماماً في توقيت تصاعد الحديث عن استعداد بشار الأسد لاستخدام مخزونه من الأسلحة الكيماوية ضد الثوارالسوريين. أحد المبررات المحقة لهذا الارتياب هو نشر مقابلة العميد المنشق مناف طلاس مع صحيفة « صنداي تايمز » البريطانية تحت عنوان « الأسد مستعد لاستخدام الغاز السام »، في ذات اليوم (وهو 2 كانون الأول (ديسمبر) الحالي) الذي نشر فيه الصحفيان ديفيد سانغر وإيريك شميت تقريرهما على موقع « نيويورك تايمز » الأميركية عن « تحريك سورية أسلحتها الكيماوية » (فيما ظهر التقرير في نسخة الصحيفة الورقية في اليوم التالي)، مع أن من البدهي أن المقابلة أجريت قبل أيام من تاريخ نشرها. بعد ذلك مباشرة، بدأت تتكاثر التقارير الصحفية التي يستند كل منها إلى مصادره الأميركية الرسمية الخاصة؛ دبلوماسية واستخباراتية، والمؤكدة لذات الخوف والتهديد (على سبيل المثال، تقرير مجلة « ذي أتلانتك » الأميركية، وتقرير مجلة « وايارد » الأميركية أيضاً، في 3 كانون الأول).
هنا يبدو الاستنتاج الأبسط والأكثر إغراء هو أن حرب تضليل إعلامية أميركية قد بدأت تمهيداً لتدخل عسكري غربي مباشر في سورية، وبما يذكر مباشرة بذات عملية التعبئة الإعلامية ضد أسلحة صدام حسين للدمار الشامل، التي بررت غزو العراق ولم يتم العثور عليها أبداً.
لكن في المقابل، يبدو صحيحاً أيضاً، بل ومرجحاً، ما يذهب إليه « بول وليامز » و »جيه. تريفور أولبريك » و »جوناثان ووربويز » في مقالهم المنشور على موقع مجلة « فورين بوليسي » الأميركية، يوم الأربعاء الماضي، بأن رد فعل الإدارة الأميركية على مزاعم استعداد نظام الأسد لاستخدام السلاح الكيماوي ضد الثوار، إنما كان مزيداً من الطمأنة للأسد بعدم وجود نية للتدخل العسكري المباشر طالما أن قتل السوريين يتم بأسلحة تقليدية؛ أي أن استخدام السلاح الكيماوي، وليس عدد القتلى على يد النظام والذين زادوا على الأربعين ألفاً، هو فقط ما سيفتح المجال لتدخل عسكري غربي مباشر.
يضاف إلى ذلك، وبما يمنح مصداقية فعلاً لاستعداد نظام الأسد لاستخدام السلاح الكيماوي ضد الشعب السوري، وصول الحرب بين النظام والثوار إلى مطار دمشق الدولي، وبما يفترض أن يمهد لـ »معركة دمشق » الحاسمة التي يتم الحديث عنها علانية منذ فترة ليست بالقصيرة. وليكون التلويح بالأسلحة غير التقليدية تعبيراً عن موقف اليائس الذي لم يعد لديه ما يخسره.
لكن، هل ما يزال نظام الأسد يملك فعلاً زمام أمره، حتى للإقدام على خيار شمشون « عليّ وعلى أعدائي »؟
هنا يبدو ضرورياً استحضار روسيا في المشهد، باعتبارها المقرر النهائي الآن لمصير الأسد. وبدلاً من الحديث عن مؤامرة أميركية-غربية للتدخل العسكري المباشر بذريعة الأسلحة التقليدية، لم لا يكون صحيحاً أيضاً افتراض مؤامرة روسية لابتزاز الغرب بسلاح الأسد الكيماوي بعد أن تأكد سقوطه مع وصول المعركة إلى قلب دمشق؟ ألا يمكن في هذا السياق قراءة عودة الدور الروسي النشط عبر « المحادثات البناءة » المفاجئة بين وزير الخارجية سيرغي لافروف ونظيرته الأميركية هيلاري كلينتون، يوم الخميس الماضي؟
في النهاية، فإن كل السيناريوهات والفرضيات تحتمل الصحة طالما أن الروس والأميركيين يلتقون على مبدأ أن « السياسة لا تعرف الأخلاق ». وبالتالي، فلا قيمة لكل الدم السوري المسفوح، إلا ورقة مفاوضات لا مانع حتى من تعظيمها.

http://www.alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef2/article/31392