فيتو ضد الشعب السوري – سوريا حرّيّة

Article  •  Publié sur Souria Houria le 12 février 2012

فيتو ضد الشعب السوري – سوريا حرّيّة

لم يوقف الفيتو المزدوج الذي أطلقته روسيا والصين في مجلس الأمن إرادة الشعب السوري، لأنه بات مؤمناً بالتغيير والخلاص من نظام الاستبداد والفساد، كذلك لم تغر استعارات القادة الروس عن المؤامرة وأتباعها الشعب السوري الموقن أن المؤامرة الكبرى ضده اليوم هي بقاء النظام المجرم

هكذا تلقى السوريون المنتفضون في الشوارع والساحات الفيتو المزدوج بقلب بارد، لأنهم أدركوا أن الكلمة الفصل في وجه نظام أمعن في استباحة دمائهم هي لهم وفقط لهم على امتداد أيام ثورتهم الدامية

لكن الأكيد أن كثيرين من الروس والصينيين يشعرون بالخزي والعار اليوم من موقف بلادهم الداعم لديكتاتورية وحشية لم يشهد العالم مثيلاً لجرائمها، ليس الروس والصينيين الأحياء فقط، بل حتى عظماء هاتين الأمتين من الأموات يشعرون بالألم في مراقدهم، ألا يشعر بالألم كونفوشيوس حكيم الصين العظيم اليوم؟ ألا يشعر بالألم تولستوي وهو يرى أن (الجريمة) ترتكب بحق الشعب السوري وأنه ينال (العقاب) عليها ؟ كل هؤلاء يشعرون بالألم والعار من موقف حرّكته المصالح الاقتصادية وهواجس خوف الطغاة، فعلى ما يبدو أن أوضاع بوتين في الداخل الروسي ليست أفضل بكثير من أوضاع الأسد، وكلاهما لا يرغب إلا بالبقاء الأبدي، ولو على حساب دماء الأبرياء، وصرخات الأمهات الثكالى

لم يكن منتظراً من القرار الدولي الذي كان سيصدر عن مجلس الأمن أن ينهي مأساة الشعب السوري، لكنه على الأقل كان سيشكل – لو صدر- رافعة معنوية وحماية أخلاقية لدور المنظمة الدولية، وكان سيوجه رسالة ذات طابع أخلاقي لنظام يرتكب المجازر منذ أحد عشر شهراً دون توقف، وأشد ما يدفع للأسى بالأمر أن كل هذه المجازر ترتكب بأسلحة روسية ليس ابتداء من البندقية الروسية ولا انتهاء بالأسلحة المدفعية الثقيلة والخفيفة، الشعب السوري يذبح بالأسلحة الروسية، فقط لأنه يطالب بالحرية!، ويبدو أن بوتين ومجموعته الحاكمة تفضل أرباح بيع السلاح اليوم لمافيا الأسد، على التحالف مع الشعب السوري من أجل صناعة غدٍ أفضل للمنطقة، هذا الغد الذي يضحي من أجله السوريون بأرواحهم، لن يستثني روسيا كواحدة من أهم القوى العظمى وكذلك لن يستثني الصين، لكن الظاهر أن الرؤية السياسية لقيادتي البلدين أقصر بكثير من المأمول، فالربح من ديكتاتورية بائدة أهم من بناء المستقبل الاقتصادي والثقافي مع دول المنطقة وعلى رأسها سوريا، هذا خيارهم الواضح حتى الآن

وفوق هذا يبدو أن القيادة الروسية تريد أن تصدق أن الشعب السوري ممتن لها، ولهذا نزل إلى الشوارع ليستقبل وزير خارجيتها ورئيس استخباراتها، وكأن أحداً لا يعلم كيف تتم الاستقبالات (العفوية!) في بلد مثل سوريا تتحكم أجهزة المخابرات فيه بالمدارس والجامعات وكل المؤسسات الحكومية، ليغدو هذا المجموع مرة شعباً مستعداً لاستقبال المسؤولين الأجانب، وربما في اليوم الثاني لرمي البيض والبندورة عليهم، كل هذا إذا شاءت (القيادة الحكيمة) لنظام المافيا الحاكمة في دمشق

لا يهم إن رفعت روسيا الفيتو أو لم ترفعه فالشعب السوري ماض في ثورته، ومن الملفت أن الفيتو الروسي ارتفع في نفس اليوم الذي جابت فيه شوارع العاصمة موسكو مظاهرات حاشدة رافعة شعار « روسيا من دون بوتين » ، هذا هو مطلب الشعب السوري أيضاً يا سيد بوتين « سوريا من دون الأسد » ومن دون  » أرخبيل الغولاغ » هل قرأت القيادة الروسية هذه الرواية الرائعة للأديب الروسي ألكسندر سولجنتسين؟ نتمنى أن يقرؤونه