في تبرير التطهير الطائفي -منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 9 février 2016

manar-rashwani

لا ينكر محدثي جرائم إيران على أساس طائفي في العراق تحديداً، ولم يعد ثمة مجال لإنكارها أصلاً، وبأي درجة. لكنه في مواصلته تبرير هذه الجرائم، التي لم يعد مجدياً الزعم أنها تدعم محور مقاومة إسرائيل وممانعتها، كما كان يقال سابقاً! فإنه يرد عليّ بأن الدول العربية هي التي سمحت بالغزو الأميركي للعراق! ولكأنه بذلك، وهو المصنف نفسه قومياً عربياً، يقول: ننتقم للعراق من العراق! أو، وهذا هو الأدق، ليس هناك عراقيون، ولا حتى شعوب عربية أخرى، بل صراع أنظمة، عربية وغير عربية، يجوز بموجبه تصفية هذه الشعوب بأي طريقة! لكن هنا يظل السؤال: لأي غاية؟
الإجابة عن هذا السؤال تبدو أكثر تعقيداً بإضافة الحالة السورية. فمع الافتضاح التام للجوهر الطائفي للمشروع الإيراني في العراق، بقي أصحاب سياسة « النكاية » بصورتها الأشد دموية، يدافعون عن دور إيران ومليشياتها الطائفية في سورية، ولم يكن أحد يجيب عن السؤال الأول البدهي: كم إيران لدينا؟ وكيف تكون إيران ذاتها طائفية في العراق، وإسلامية « وحدوية » تحريرية على بعد أمتار قليلة في سورية؟ دع عنك سؤال كيف يكون التحرير بتدمير الأوطان وقتل الشعوب العربية على أسس طائفية؟!
طبعاً، انتهت كل ذرائع استباحة الدم العربي؛ فلا أحد يتحدث عن « مقاومة وممانعة »، لأن الأمر صار سبباً للتندر بعد التدخل الروسي المنسق بشأنه مع إسرائيل، والانسجام والتنسيق الأميركي-الإيراني في العراق على وجه الخصوص. بل إن سيمور هيرش، أحد أشد المدافعين عن نظام بشار الأسد، والذي يكاد يكرس كل أعماله الأخيرة للدفاع عنه، يؤكد في تحقيقه الأخير المنشور في مجلة « لندن ريفيو أوف بوكس » -على ما يعتريه من فجوات- أن جنرالات الجيش الأميركي كانوا يمررون معلومات لنظام الأسد لمنع انهياره. وإضافة إلى روسيا وألمانيا، فقد كانت إسرائيل -بزعم هيرش- هي إحدى قنوات إرسال المعلومات الاستخبارية الأميركية.
هنا، طبعاً، سيُقال أيضاً إن الأنظمة العربية المعادية لنظام الأسد ليست أفضل منه. لكن هذا ما يعيدنا إلى السؤال المطروح بشأن العراقيين: هل يبيح ذلك لإيران ومليشياتها إبادة الشعب السوري (باسم الأسد)؟ أم أن هذا الشعب غير موجود في حسابات المدافعين عن الأسد؟ فيما يظل السؤال الأهم، مرة أخرى: لأي غاية؟
الإجابة المعروفة هي: « إفشال المؤامرة » على سورية. وإذ يقال إن أقوى جوانب « نظرية المؤامرة » هو عدم قابليتها للدحض، فإنها على العكس تماماً في الحالة السورية. إذ من يقوم بتهجير السوريين؟ ومن يقوم بمنع النازحين من العودة إلى بلداتهم ومدنهم، ويسعى إلى استبدالهم على أساس طائفي؟ الجميع يعرف أنهم داعمو بشار الأسد. أليست هذه هي المؤامرة الفعلية على سورية؟ فلأي غاية؟