في سورية.. الجميع يموتون خوفا! – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 25 janvier 2014

حتى شبيحة وأنصار نظام بشار الأسد، قبل أي أحد آخر، لا يملكون إلا التسليم تماماً بمنطقية، وحتى صحة التقرير الصادر مؤخراً، معززاً بصور غير متخيلة إنسانياً، عن قتل 11 ألف معتقل سوري في سجون النظام تحت التعذيب بوسائله كافة، وضمنها التجويع والخنق.
يكفي التذكير أن إحدى المطالب الشعبية عشية الثورة السورية، والتي رفضها النظام طبعاً، إنما تمثلت في مجرد إصدار سلطات هذا النظام شهادات وفاة للمختفين في سجونه منذ نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي، وتحديداً خلال فترة مجزرة حماة في العام 1982. وحتى أسلوب « ترميز » الضحايا الذي كشف عنه التقرير الأخير، بحيث لا تُعرف هوية أصحابها إلا من قبل قلة قليلة من النظام، كان يقابله في العام 1982، سكب حامض « الأسيد » على الضحايا، فلا يغدو ممكناً تمييز أصحاب الجثامين.
لكن إذا كان هذا التقرير الأخير لا يكشف جديداً على صعيد الفظائع التي تُرتكب منذ عقود بحق الشعب السوري، في عهد الأسد الأب والابن، إلا أنه في المقابل، تقرير ينطوي على دلالة كبيرة بشأن إمكانية التوصل إلى حل للمأساة السورية التي أوشكت أن تدخل عامها الرابع.
فمن ناحية أولى، وباختصار شديد، يقول التقرير: هذا هو المصير الذي ينتظر ملايين السوريين، في حال انتصار الأسد على الشعب. وأن الأحد عشر ألف قتيل تحت التعذيب، سيغدون حتماً أحد عشر مليوناً على الأقل.
وإذا كان ثمة من شك في هذه النتيجة، فقد أنهاه تماماً رئيس وفد النظام إلى مؤتمر « جنيف 2″، وليد المعلم، عندما قرر أن معارضة الخارج خائنة وعميلة، وأن « من يريد أن يتحدث باسم الشعب فليتفضل إلى سورية ». لكن المعلم يتجاهل (أو هو لا يعرف فعلاً!) ما يحل بمعارضة الداخل، الرافضة للعسكرة والتدخل الخارجي، من اعتقالات وإخفاء؛ وقبل ذلك القتل والاعتقال والتجويع الجماعي لمدنيين عزل لا يقفون مع أي فريق.
من ناحية أخرى، يُفترض أن تكون غريبة لدى أي نظام غير نظام الأسد، فإن صور التعذيب غير الآدامية تخدم هذا النظام تماماً، وليس العكس.
فمع غياب أي تدخل دولي، من أي نوع، لإنهاء هذه الفظائع؛ ومع عدم انزعاج أو حتى خجل الحلفاء الروس والإيرانيين من هكذا انحدار، لا يبقى ما يخشاه الأسد. إنما الخشية ستتولد عند أبناء الطائفة العلوية الذين ستزداد القناعة لديهم بأنه بعد اجتياز النظام كل ما هو متخيل وغير متخيل في التنكيل بالشعب، فلن يكون لدى ذوي الضحايا سوى الانتقام في حال سقوط النظام. وأنه لا مجال، بعدئذ، للمراجعة في هكذا لعبة صفرية « نحن أو هم »، أياً كان حجم الاعتراض والرفض لهذه الفظائع باسم حماية الأقليات عموماً، ناهيك عن تدمير الوطن تماماً، بكل ما تحمله الكلمة من معان وأبعاد على الأرض.
في سورية، يقتتل الجميع خوفاً ويموتون خوفاً بسبب نظام الأسد. وهم، بالتالي، إذ يقفون على جبهات متقابلة، إلا أن الجاني يظل واحداً، ينفذ عهده الشهير: « الأسد أو نحرق البلد »!