ليس باسمنا -جمانة غنيمات

Article  •  Publié sur Souria Houria le 17 août 2012

البعض ينصّب نفسه ناطقا باسم النظام السوري وباسم الأردنيين أحيانا، ويلقي التهم جزافا على الغير بأنهم باعوا الأوطان، وضحوا بالقضية، وتآمروا مع الغرب ضد « جدار الممانعة الأخير » و »قلعة الصمود »؛ على اعتبار أن هذا البعض هو الحكيم، فيما الآخرون عملاء!

ويسقط من تفكير هؤلاء « الحكماء » كل المعايير والمواثيق الأخلاقية والإنسانية التي تدين القتل وتحترم حق الإنسان في العيش، وتلفهم شوفينية عالية تجعلهم يظنون أن بإمكانهم الحديث باسم كل الأردنيين، ويتناسون أن كثيرين غيرهم يدعمون ثورة السوريين وحقهم في تحقيق مصيرهم ومستقبلهم.
الأوصياء يطالبون الأردن الرسمي بالتخلي عن دوره الإنساني، ويذهبون في مواقفهم حد الفبركة، حين يؤكدون أن حركة اللجوء إلى الأردن ما هي إلا تصنيع لظاهرة اللجوء من أجل الضغط على نظام الممانعة، وأجدني لا أعثر على مسوغ لهذه التهمة.
فأكثر من 150 ألف لاجئ في الأردن، ومثلهم وأكثر في لبنان وتركيا، فيما حماة الأنظمة الشمولية يؤكدون أن 80 % منهم لا تنطبق عليهم شروط اللجوء! هل ثمة ما هو أكبر من القتل والاغتصاب؟
ولا أدري ما هي شروط اللجوء حين يضطر المرء إلى ترك سلمه وأمنه وحياته خلف ظهره هربا من بطش نظام لم يعد يرى له مهربا سوى قتل الأبرياء والتفنن في أشكال التعذيب والقهر والفتك بشعبه!
القياديون المخضرمون، كما وصفوا أنفسهم، والشخصيات السياسية والاجتماعية، والإعلاميون والكتاب والمثقفون والأكاديميون، لا يرون في لجوء فقراء سوريةإلا سعيا إلى تحسين ظروفهم المعيشية وبحثهم عن بعض الأمان.
بعض من الرأي السابق صحيح وفيه وجاهة، فهم فعلا فعلوا ذلك بحثا عن الأمان لحماية أنفسهم من نظام سفاح دموي، قتل عشرات الآلاف منهم. وإذا كان الحال كذلك، فإن المنظرين لم يقولوا كيف يستوي تحسين الظروف المعيشية والبحث عن الأمان معا، أم أنهم يقصدون الأمان الوظيفي؟! وكيف لهم أن يتخيلوا أن ما دفع مئات الآلاف إلى الهرب هو الحاجة إلى العمل وليس الهرب من جور النظام؟
من الصعب تخيل أن السوري في ظل الثورة لا يفكر إلا في فرصة عمل، أين العقل والمنطق؟
في الرسالة التي وجهتها الشخصيات تحت عنوان « ليس باسمنا »، يبدو أن العبارة الوحيدة الدقيقة في مضمون الرسالة تتمثل فقط في عنوانها، فهم حقيقة لا يتحدثون باسمنا، وثمة كثيرون منسجمون مع أنفسهم، ويؤكدون أن من يطالب بالإصلاح في الأردن لا يحق له الحديث عن شرعية النظام السوري وضرورة بقائه.
ومن يطالب بتغيير طريقة إدارة الشأن العام محليا، ويحتج على الفساد وتزوير إرادة الشعب، فمن الأولى أن ينسجم مع نفسه، ويؤكد حق الشعب السوري في تقرير مصيره.
أما الفصل بين المسألتين والتعاطي مع كل واحدة تبعا للمصالح والأجندات، فما هو إلا انفصام في التفكير، وتناقض غير مفهوم وغير مبرر، فكل الدم السوري الذي سال أملا في الحرية والعدالة، وذلك الذي سيسيل، لم يقنعهم بعدالة الثورة السورية!
ما يهمني أن لا يتحدث الموقعون باسمي، وباسم كثيرين يؤمنون أن ثورة السوريين عادلة ومنصفة، وليست مؤامرة كما يقولون.
فالمتآمر هو النظام الذي سمح لنفسه بظلم السوريين وتكميم أفواههم لعقود، وهو من فسد وأفسد، وامتص دم الشعب السوري قبل أن يسيله. والمتآمر هو الآلة العسكرية التي أسالت دماء نساء وأطفال ورجال سورية الذين كل ذنبهم أنهم صحوا ليقولوا كفى لكل ما مضى.
أقول لكم ليس باسمنا تحققون أجنداتكم!

http://www.alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef2/article/30379/%D9%8A%D8%B3-%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D9%85%D9%86%D8%A7.html