مصور تلفزيوني يعمل لقناة « الدنيا » فر من سوريا: شاركت في عمليات خداع وقلب للحقائق حتى لم اعد احتمل

Article  •  Publié sur Souria Houria le 1 février 2012

 نشرت صحيفة « ذي تايمز » البريطانية تقريرا عن مصور تلفزيوني سوري فر من سوريا لجأ الى تركيا ومن ثم الى مصر. المصور التلفزيوني يونس اليوسف (35 عاما) كان يعمل لحساب قناة « الدنيا » السورية المؤيدة للنظام. واجرت الصحيفة لقاء مع اليوسف هذا نصه

« يحتفظ يونس اليوسف بشريطي فيديو على حاسوبه النقال. وعليهما افلام مصورة لحفلات جرت في سوريا قبل الثورة: حفلات زفاف وأعياد ميلاد. وتظهر فيها طاولات مليئة برجال جادين ولهم شوارب، كلهم ضباط كبار في الشرطة أو الجيش كانوا يدفعون له بسخاء لقاء تصويرهم

شريط فيديو آخر يظهر الجرافات ورجال عليهم أقنعة الجراحين ينبشون قبورا جماعية خلال تصاعد قوة الثورة في الصيف الماضي. وتبرز الجثث من بين أكوام من النفايات، ويتواجد مسؤولون جاهزون للادعاء بأن « العصابات المسلحة » هي التي ارتكبت اعمال القتل

القبور الجماعية حقيقية، لكن الروايات التي تواكبها زائفة، وفقا لما ذكره اليوسف لصحيفة « ذي تايمز » من منزل آمن في القاهرة. وهو يعرف الحقيقة، لأنه مصور لقناة « الدنيا » الفضائية الرسمية قبل أن يهرب إلى المنفى، خوفا على حياته

وباعتباره كان واثقا بالنظام خلال الأيام الاولى من الثورة، فقد لعب دورا في عملية الخداع – إلى أن شعر بالغثيان مما رآه، ما دفعه للتوقف عن عمله

كان هذا الرجل، (35 عاما) واب لطفلين، متمركزا شمال منطقة إدلب، قريبا من الحدود التركية، وخلال الأيام الاولى من الاحتجاجات على نطاق ضيق لم ير سوى القليل مما يزعزع ثقته بالرئيس الأسد. وقال: « كان واجبنا، مثل التلفزيون الرسمي، أن نردد أن كل ما يحدث عبارة عن أكاذيب »

وفي شهر أيار (مايو) الماضي طلب منه المقدم نوفل الحسين، وهو واحد من أصدقائه الكثيرين في الشرطة العسكرية، أن يستخدم الكاميرا المخبأة في زر او قلم حبر أو ساعة لتصوير قوات الامن. ووصف كيف رأى قوات الأمن وهي تتخندق. وفي مقبرة ثانية شعر بالغثيان عندا رأى تسع جثث يتم نبشها. ومن أجل الحصول على الماء فتح باب عربة عسكرية – حيث فوجئ بوجود ست جثث لمدنيين داخل العربة

بعد أسبوع استدعي إلى ما وصفه الجيش بثالث مقبرة جماعية. والحقيقة أنها كانت في نفس الموقع- رغم أن حوالي 30 جثة ألقيت فيها. واثناء الحفر للجثث تعرف اليوسف على بعضها من خلال ملابس أصحابها – وكان قد شاهد الجثث نفسها في العربة العسكرية قبل أسبوع. وقال: « كان أمرا مرعبا، وبدأت أشعر بالدوار »

في قرية المسطومة، قرب جسر الشغور، حاصر محتجون قاعدة عسكرية وطالبوا المتواجدين فيها بإلقاء أسلحتهم. معظمهم فعل ذلك، عدا عن 120 فردا من الشرطة العسكرية الذين ظلوا داخلها

ولدى اليوسف شريط صور لهم وهم يختبئون وراء الجدران. وقال: « اعتقدنا أن النظام قد سقط. كانت لدي مشاعر متباينة – تعاملت بما فيه الكفاية مع نظام الأسد. ودفعوا لي بسخاء لأنضم للجيش »، ولكن عندما فتح الضباط الموجودون داخل المبنى النار، وقتلوا حوالي 12 شخصا، بدأت مواجهة. ووصلت مجموعة من المسلحين بملابس مدنية في سيارة محملة بالأسلحة عرضوها على الحشد لقاء 100 دولار للبندقية الواحدة، أي عشر ثمنها في السوق السوداء. واشترى 20 من المحتجين أسلحة، كما قال

بعد يومين كانت الشرطة ما تزال في المبنى. وصنع رجال الأمن، الذين استمروا في ارتداء الملابس المدنية، قنبلة. وملأوا برميلا بمزيل الدهان والسماد والسكر. وتساءل اليوسف : »هل سيعرف شخص مدني كيف يصنعها؟ »

وفجروا القنبلة قرب قاعدة للشرطة العسكرية ، فقتلوا الـ 120 ضابطا الموجودين فيها. وأضاف: « أرادوا افتعال حادثة لاستدراج الجيش »

كان مريضا ومرتبكا- لكنه لم يستطع المغادرة. بدلا من ذلك، طلب منه الانضمام للقوات الحكومية التي تشن غارات على القرى التي رأى أعدادا كبيرة من الجنود ينشقون فيها ويهربون إلى الحدود التركية القريبة

وعندما كان الجيش يستعد لاقتحام جبل الزاوية سمع ضابطا يتحدث عبر اللاسلكي قائلا: « سيتم عمل الكمين غدا الساعة الحادية عشرة ». واضاف: « سألته ما الذي يحدث؟ إذا كنت تعلم أن هناك كمينا، فلماذا لم تحذر المراقبين؟ فأجاب: كيف يمكننا قتلهم ما داموا لا يقتلوننا؟ »

في آب (أغسطس) الماضي انهار اليوسف. أخبر زميلا له أنه أصيب بالغثيان بسبب أعمال القتل- لكن المراسل كان مقربا من النظام وصدر أمر اعتقال بحق اليوسف أرسلوه إلى الشرطة العسكرية في إدلب. ولحسن الحظ كان له معارف هناك، وأبلغه أحدهم عن أمر الاعتقال، فهرب

وأثناء وجوده في المنفى بأنطاكيا في تركيا، اتصل به المقدم الحسين وقال إنه إذا التزم الصمت فلن يلاحقه أحد. وافق ولكن حدثت عدة محاولات لاختطافه. تم التنصت على هاتفه واضطر للتنقل من مدينة إلى أخرى في تركيا، ثم في مصر. واخيرا خلال الأسبوع الماضي كما قال كانت هناك محاولة لاستدراجه إلى مصيدة في القاهرة. وقال: « يقول لي معارفي أن النظام لن يتركني وشأني. إنها مسألة انتقام بالنسبة إليهم »

القدس –  الأربعاء ١ شباط ٢٠١١

http://www.alquds.com/news/article/view/id/330045