ملاذ الأسد الأخير- منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 28 juillet 2012

لم يكن يوماً سراً امتلاك سورية لأسلحة كيماوية وبيولوجية. لكن، هل يستطيع نظام بشار الأسد استخدام هذه الأسلحة ضد الثوار أو دول الجوار، كما لوح بخفة ملفتة الناطق باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي، قبل أيام؟
بالنسبة لنظام يقاتل فقط لأجل بقائه ومكتسباته، يبدو الإقدام على ارتكاب هكذا جريمة، ضد الشعب السوري خصوصاً، خياراً ممكناً بل ومنطقيا بحسابات عقلية إجرامية. لكن الحقيقة أن مثل هذا الخيار يظل بعيد الاحتمال، تحت كل ظروف، بسبب روسيا وإيران تحديداً، اللتين تتحكمان اليوم بمصير الأسد والمحيطين به. ذلك أن استخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية من قبل الأسد، سيعني تالياً انعداما تاماً لإمكانية تصديق رواية إيران الرسمية بشأن « الاستخدام السلمي » لقدراتها النووية محل الجدل العالمي، وبما يعرض البرنامج النووي الإيراني، بالنتيجة، إلى انكشاف جديد غير مسبوق. فهل يعقل أن تقبل إيران دفع ثمن « خيار شمشون » الذي قد يلجأ إليه الأسد؟!
ربما يبدو ذلك ممكناً في حال تمكن القناعة من المسؤولين الإيرانيين بأنهم وبرنامجهم النووي ليسوا إلا الهدف الثاني بعد بشار الأسد وبطانته، وأن إطلاق العنان لوحشيته إلى أقصى حدود لن يضير إيران أكثر مما هو قادم حتماً، إن لم ينفعها. لكن في مواجهة هذا السيناريو الذي يبدو بالمنطق شديد البعد عن التحقق أيضا، تبرز مصلحة روسيا المفترضة في رفض تحملها مسؤولية استخدام حليفها أسلحة محرمة دولياً.
بالنسبة لنظام فاقد لزمام أمره وقراره داخلياً وخارجياً، فإنه يعرف صراحة لا ضمناً كل ما سبق. لكنه مع ذلك لم يكن يلوح بالسلاح الكيماوي إلا بوعي تام، وذلك بهدف تأمين ملاذه الأخير، الذي لم يعد سوى التدخل الخارجي؛ سواء أكان أميركياً غربياً أو إسرائيلياً. ورغم أن هذا التدخل لن يكون لأجل الثورة السورية المطالبة بالحرية والكرامة، وإنما لتأمين مخزون الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، ومنع وصولها إلى حزب الله أو حركات إسلامية متطرفة أو إرهابية، إلا أنه تدخل سيخدم دعاوى نظام الأسد ومناصريه بأن ما يجري في سورية منذ عام ونصف العام ليس سببه الاستبداد والفساد والإفقار الذي مارسه بحق الشعب ويعرفه الجميع، بل هو « المؤامرة الكونية »، والمراهنة على اندلاع حرب إقليمية تحفظ له مكاسبه!
منذ إسقاط الطائرة التركية قبالة الشواطئ السورية الشهر الماضي، برز أحد تفسيرات الكفاءة السورية المفاجئة، في مقابل عطالة كاملة في وجه الخروقات الإسرائيلية السابقة في عمق سورية، بأنه الرغبة في جر تركيا إلى حرب مع سورية. ومع تحذير رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، من تمكين حزب العمال الكردستاني من مناطق في شمال سورية، إضافة إلى الاشتباك المحدود على الحدود الأردنية السورية، يكاد يغدو يقيناً أن التدخل الخارجي بات ملاذ نظام بشار ومطلبه، لا مطلب فئات من المعارضة. وأهم من ذلك، أن « الرئيس » لم يعد يكتفي بتدمير سورية، بل يريد إجبار المنطقة كاملة على دفع ثمن خطاياه وخطايا والده بحق الشعب السوري. ومن ثم، يكون صحيحاً تماماً أن نهاية هذا النظام باتت مصلحة للمنطقة وشعوبها كافة، بل وخيارها الوحيد في مواجهة الأزمة السورية.

http://www.alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef2/article/30183/%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%B0-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D9%8A%D8%B1.html