مهما فعل العرب لن يستطيعوا إنقاذ الأسد – الياس س الياس

Article  •  Publié sur Souria Houria le 5 janvier 2012

السوري / السورية في مشهد لا أقبله كإنسان عربي وبات من العار الصمت عليه: مراقب عربي تلحق به أم شهيد سوري لتروي كيف قتلوا ابنها .. عجوز يحاول شد الانتباه لاعتقال تعرض له وتعذيب على جسده

أمر مخزي وأمر لا يمكن وصفه بغير وصفه بالعار الحقيقي ذلك الذي جرى في داريا بدمشق: خرج الناس يظنون أن « مراقبين عرب » جاؤوا أخيرا .. المشهد لا يحتمل مراقب: تفتح قوات الأمن والشبيحة النار فتقتل وتصيب من تشاء .. واللجنة لم تصل

ما هذا الجنون الذي يستقبل السوريون في العام الجديد؟

مراقبون لا يعرفون القرطاس والقلم .. ولا حتى أحدث التقنيات يقودهم « دابي » وبالحمصي التسمية معيبة، لكن الرجل جاء كمن أعد تقريرا مسبقا ومتفقا على رتوشه المسرحية الهزلية في أروقة « مغسلة الجامعة العربية »
في حمص شبيحة النظام يرفعون علم الاستقلال وبعض ما تيسر لهم من أسلحة مهربة من زملاء الأحزاب التشبيحية في لبنان .. سجل يا مراقب : ها نحن مسلحون .. ملتحون .. قصة شعرنا على الطراز السلفي .. لكن إياك أن تنتبه للوشم على الرقبة والساعدين.. ولا تصور وشم صورة زعيمنا

العرب جميعا، شعوبا وقبائلا وعشائرا يسألون أنفسهم: ما هي مهمة هؤلاء الذين يرتدون اللون البرتقالي ويقودهم الدابي؟

هل هي مراقبة؟ ملاحظة؟ تسجيل فظاعات ما تعرض له السوريون والسوريات على مدار أشهر؟ هل هي البحث عن مسلح بين المتظاهرين، وهل هي مهمة تثبيت مقولة شريف شحادة بأن سوريا وضعها ممتاز لولا أنها « تحت سيطرة عصابات مسلحة منذ مارس 2011″؟

ما هي بالتحديد مهمة هؤلاء الذين يستضيفهم النظام في شارع الاوتستراد بالمزة على ما يقول النشطاء ليتناولوا طعاما لا يجد أهل بابا عمرو كسرة خبز منه؟

القناصة الذين رآهم مراقب عربي في أكثر من مكان هم ليسوا سوريين، لكن لا أحد ولا حتى شريف شحادة وطالب إبراهيم استطاعا لإفهام مذيع/ مذيعة الجزيرة ( المترددة هذه الأيام ببطلها حسن جمول) : كيف لقناصة وقتلة يعتلون ليلا ونهارا مؤسسات الدولة والسجن في دوما والبلدية والمحكمة والأبنية المرتفعة التابعة للسلطة؟

قرأت مئات المرات بروتوكول أصحاب اللون البرتقالي .. ليس فيه كلمة واحدة عما يفعله هؤلاء من كمائن للبشر لتصيدهم كالعصافير شبيحة غزاة الديار.. لا شيء سوى الفوضى والتعالي على جراح البسطاء ..
ليس من مهام هؤلاء تحويل سورية أو سوري فقد عزيزا أن يتسول من يستمع إليه على قارعة الطريق.. بينما كان الدابي مشغولا بسيكارته الفاخرة وخالد أبو صلاح يستميت في الحديث بعربية مفهومة لم يأبه الرجل، فبان عنوان المسرحية بتصريح سخيف جدا لا يمكن أن يصدر إلا عن ممثل رديء بل وكومبارس ملقن بشكل مشين ليقوم مقر الجامعة بتوضيح التصريح عن أن الوضع مريح للجنة المراقبين
هل نكذب أعيننا ونحن نرى الطلقات تطير فوق رؤوس هؤلاء من قناصة واضحين يالصورة؟ وهل نكذب السوريين الذين يرفضون التحول إلى كومبارس مصفق على طريقة قناة الدنيا لقتلة أحبتهم برفقة مخابرات تحصي وتسجل أسماء من يبوح بشيء؟

المهمة

ليست سوى ما جاء في البروتوكول الذي أملك صورة رسمية عنه: التأكد من تنفيذ بنود المبادرة .. لا حاجة لنا لنعرف أن المدرعات في الشوارع .. المعتقلون ما زالوا بالحفظ والصون ( من بقي على قيد الحياة) في سجون الديكتاتور السرية .. الإعلام ممنوع دخوله حتى لو قال أبواق النظام ألف مرة لمذيعة العربية ولمنتهى الرمحي منذ بداية الثورة : أهلا بكم في سوريا
الأهم في كل هذا أن القتل بدل أن يتوقف يزداد شراسة وعددا .. لا يهمني العدد فهؤلاء بشر وليسوا أرقاما .. مجرد إطلاق النار واقتحام داعل أو دوما وداريا وكفرسوسة وإطلاق النار على الناس في ادلب يعني شيئا واحدا
مهمة اللجنة ليست سوى التأكد من تنفيذ بنود المبادرة .. بل كان يجب أن تتوافر الظروف لتصل .. ورغم ذلك المسرحية الرديئة الإعداد والتنفيذ واضحة .. ومستحيلة ومن المفترض التوقف عنها فورا لأنها مسرحية تكلف دماء بشر بغطاء شرعي عربي

مسلحون

كل منظمات الأمم المتحدة والتي كان النظام السوري يلهث لعضوية حقوق الإنسان فيها في مايو الماضي، والمنظمات الإنسانية : صهيونية وإمبريالية!
وعليه فكل التقارير التي وضعت النقاط على الحروف عن المذابح التي ارتكبها هذا السفاح بحق شعبه لا تعني شيئا بالنسبة لهؤلاء الذين يعدون المسرح لإخراج مسرحية عربية لا قيمة ولا طعم ولا لون لها عند السوريين الذين يعرفون من يقتل أحبتهم لقتل ثورتهم.. ببساطة شديدة لن تنجح كل بهلوانيات تثبيت الأسد في الحكم.. وإذا ظن العرب أن السوريون سيعودون إلى « حظيرة عائلة الأسد ومخلوف » بتقرير ما فهم يضيعون الوقت ويهدرون الدماء ولم يفهموا بعد أن الكرامة والحرية ليست لعبة ولا هي ترفا زائدا يريده الشعب الذي أسقط هيبة نظام سفاح فاق الفاشية في محاولات إرجاع هؤلاء إلى الحظيرة بتفاهة التصريح عن حزمة إصلاحات كان سقفها شهر أغسطس كما صرح السفاح بلسانه في جلسة التهريج على مدرج جامعة دمشق

دعونا الآن نفترض أن بسام أبو عبد الله يظن بأن الناس ستنسى أنه قال عن المتظاهرين : حثالات
دعونا نفترض أن أحمد الحاج علي يظن بأن أهالي خربة غزالة يصدقونه
دعونا نفترض أن رفيق نصر الله صدق في تنبؤاته بالتفجيرات التي تمت وستتم
دعونا نفترض أن المنجمون والمنجمات تنبئوا لنا ببقاء بشار الأسد غصبا عن شعبه
دعونا نفترض أن هيثم مناع وأدونيس وغيرهما لا يعترفان بالثورة لأنها تخرج من المساجد.. فهل هما موافقان على القصف المنهجي لمآذن المساجد؟

ماذا عن السلاح إذا؟
هل يريد المراقبون العرب وبعض مدعيي المعارضة ومن أصحاب حزب السلاح والممانعة أن يثبتوا إدانة بحق الثورة والمتظاهرين؟
هل رأيتم ثورة شعبية ومظاهرات في سوريا تحمل السلاح؟

لنفترض بعد 10 أشهر من التنكيل والإذلال وانتهاك الحرمات وحرق المنازل أن البعض حمل السلاح دفاعا عن نفسه وعن عائلته، فأين ذلك الشاعر الذي قال ذات يوم: الكلبة حتى الكلبة تدافع عن نطفتها؟

يخرس المثقفون العرب خرسا مريبا.. باتوا أجبن مما كنا نعتقد .. يريدون من الشعب السوري أن يكون أكثر الشعوب تلقيا للقتل دون ضجيج يذكر
هل إذا تحولت الثورة السلمية في سوريا إلى ثورة مسلحة بعد كل هذه المسرحيات الممتدة من تل أبيب إلى واشنطن فالقاهرة يمكن لهذا النظام أن يثبت كل هذه الشهور؟

نعود لنقول : الشعب السوري اتخذ قراره ولن يعود عنه مهما أراد نبيل العربي وأحمد بن حلي والدابي ومن في الكواليس .. الشعب السوري لا يتسول تغطية وسائل الإعلام لثورته ولا يتسول حريته من أحد .. الشعب لسوري قل كلمته: حرية للأبد غصب عنك يا أسد! والأسد أكثر من استوعب ما تعنيه هذه الهتافات … لكنه يتمسك بالسلطة على خلفية « معجزة » عربية فاشلة المقدمات والنتائج لإعادة الشعب السوري إلى زمن الخوف

مائة مرة قلنا لا تدفعوا الشعب السوري للكفر بالعرب وبالإنسانية .. لا تدفعوه للكفر بالسلمية في ثورته السلمية .. ولا تغمضوا عيونكم وتصموا آذانكم عن قتله كلما حاول الخروج للتعبير عن مطلب الحرية
عودوا إلى بنود المبادرة العربية وطبقوها كما وقعتم عليها.. وإلا فأمامكم أيام صعبة ستضطرون مهما فعلتم إلى مواجهة حقيقة قاسية تعبر عن العجز فترمي بقصة حماية الشعب السوري للشعب السوري نفسه أمام تقاعس وتلاعب مفضوحين .. نحن نتحدث عن أيام قليلة وشلال الدم ما زال ولو بشهيد واحد في اليوم ومعتقل واحد مغيب ومدرعة وقناص في الشوارع… الصبر سمة العربي .. لكن صبر الشعب السوري فاق كل التوقعات وحين تنفجر الأمور سيرى الرسميون العرب وجوههم في مرآة الكارثة التي سمحوا بتمريرها

بيروت observer – 03 كانون الثاني 2012
http://www.beirutobserver.com/index.php?option=com_content&view=article&id=68443%3A2012-01-03-04-13-05&catid=56%3A2009-04-20-12-15-49