نصرالله في الموقف المسيء – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 19 septembre 2012

منذ اندلاع الثورة السورية، بات الظهور الإعلامي لأمين عام حزب الله اللبناني، حسن نصرالله، مدعاة للغضب ثم السخرية من إنكار الحقيقة، أو في أقله الأسى على تاريخ زعيم المقاومة سابقاً، المحلل حالياً لسفك دماء آلاف السوريين الأبرياء على يد نظام بشار الأسد!
هذه الصورة البائسة التي ما أمكن لعاقل، عدو ناهيك عن صديق، تخيلها قبل الثورة السورية، لم تزدد إلا تأكيداً بالظهور العلني لنصرالله في يوم الإثنين الماضي، بدعوى المشاركة في تظاهرة للاحتجاج على فيلم تافه رديء مسيء للرسول محمد، عليه الصلاة والسلام. سبب ذلك ليس فقط أن نصرالله وحزبه بتبريرهما المجازر في سورية، ولربما مشاركتهما فيها فعلياً، يسيئون للإسلام ونبيه وأتباعه أكثر من الفيلم الذي يحتجان عليه، بل ويمنحانه فعلياً مصداقية وإن ملفقة. أخطر من ذلك، أن أمين عام حزب الله بمشاركته في التظاهرة إنما يجسد الانحدار الذي وصل إليه الواقع العربي والإسلامي عبر انجرار من يفترض أنهم « قادة » و »زعماء » وراء العامة في ردود أفعالها، والتي كانت نتيجتها « تدمير بيوتنا بأيدينا »، بمزيد من الإساءة لأنفسنا، إنما مع تسديد ثمنها من دم مواطنين أبرياء قتلوا أثناء مشاركتهم في التظاهرات.
لكن الحقيقة أن ثمة اختلافا شاسعا بين القادة والزعماء المفقودين أو المستدرجين من قبل العامة بمناسبة الفيلم المسيء، وبين حسن نصرالله. فاليوم، وقد تبين عداء حزب الله وأمينه العام للربيع العربي، يكون منطقياً تماماً توقع تأييد نصرالله للفوضى التي شهدها العالم العربي، من حيث هي فوضى فقط. ومن ثم، فإن تهديد أمين عام حزب الله للولايات المتحدة في ظهوره الأخير لا يمكن أن يفهم في سياق نصرة سيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام، بل هو بهدف تشويه الثورات العربية التي يتضرر منها الحزب وإيران؛ إذ إن من الضروري بالنسبة لهما تصوير هذه الثورات منتجة للفوضى، بخلاف الاستقرار المضمون من قبل الدكتاتوريات الزائلة أو التي في طريقها إلى ذلك، من مثل نظام الأسد الذي يستميت نصرالله وأسياده في إيران في الدفاع عنه وهو يواجه الشعب السوري المقهور.
وفي ضوء هذا الفهم، يبدو ممكناً أيضا تفسير تظاهرة الاحتجاج في بيروت يوم الإثنين الماضي، من ناحية أخرى، باعتبارها مناسبة اغتنمها حزب الله للعودة إلى استعراض قوته في الشارع اللبناني. ومرة أخرى، فالهدف ليس نصرة النبي الكريم، وإنما ترهيب الخصوم الداخليين بإظهار حجم مؤيدي حزب الله بعد تزايد جرأة هؤلاء الخصوم عليه (بل وحتى الحلفاء من قبيل الرئيس ميشال سليمان ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي) نتيجة ما يعانيه الحزب من أزمة أخلاقية بوقوفه إلى جانب الأسد الذي انكشف تخطيطه لتفجير لبنان عبر ميشال سماحة، حليف حزب الله، كما بات هذا النظام يستبيح الأرض اللبنانية يومياً بالقصف والرصاص، وأكثر من ذلك باختطاف مواطنين لبنانيين وسوريين من لبنان الذي يسيطر عليه حزب الله، ما يعني تواطؤه في تلك الجرائم.
هكذا، وبمناسبة الفيلم المسيء، يستكمل حسن نصرالله بظهوره العلني الأخير بناء موقفه المسيء.

http://www.alghad.com/index.php/afkar_wamawaqef2/article/30673/%D9%86%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%A1.html