نظرية مؤامرة.. مرغوبة منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 5 janvier 2014

في قراءة التفجير الذي استهدف الضاحية الجنوبية في بيروت، أول من أمس، يبدو بدهياً القول إنه رد فعل متوقع على انخراط حزب الله في القتال إلى جانب نظام بشار الأسد، وأن لا مانع لدى المنفذين من تجرع أنصار الحزب المدنيين من ذات الكأس التي أصر حزب الله على تجريعها للسوريين، المدنيين أيضاً، بشكل مباشر أو غير مباشر، على امتداد قرابة ثلاثة أعوام.
لكن قراءة أخرى تبدو أكثر فائدة، وإن كانت أقرب إلى نظرية المؤامرة « الإيجابية ». وهي تتجلى مع استحضار أن التفجير الأخير في « الضاحية »، وإن لم يكن الأول، قد جاء بعد أيام فقط من اغتيال محمد شطح؛ الوزير السابق والقيادي البارز في تيار « 14 آذار » المعادي لحزب الله وتياره. فمن بين كل الصفات التي أُطلقت على شطح، يظل الأبرز هو وصفه بـ »الاعتدال »، رغم جرأته وارتفاع صوته في انتقاد حزب الله والأسد. وبالتقاء الاغتيال مع استهداف مدنيين في « الضاحية »، يكون القاسم المشترك بين العمليتين هو محاولة اغتيال الاعتدال بين طوائف لبنان وأبعد منه، لخلق فراغ يشغله المتطرفون، القدامى والجدد القادمون، من كل الأطراف.
مرة أخرى، هي قراءة مؤامراتية، بل ورغائبية. لكن هل نملك سواها للخروج من حلقة الموت المفرغة التي أدخلنا فيها الاستبداد والمدافعون عنه؟ أبداً.
فإذا أراد حزب الله القول إن تفجيرات « الضاحية » هي من تدبير التكفيريين، الذين يشملون فريق « 14 آذار » كله، كما ذهب إلى ذلك نائب رئيس المجلس التنفيذي في الحزب نبيل قاووق، قبل أيام؛ فلا بد وأن يقبل حزب الله بدوره، واستناداً إلى ذات المنطق، بتحمل المسؤولية كاملة عن اغتيال الوزير السابق شطح، ليس فقط لأن الحزب هو المستفيد الوحيد المعلن من قتل هكذا سياسي، بل أيضاً لأن شطح كان من التكفيريين الذين يخوض حزب الله حرباً معلنة ضدهم خارج حدود لبنان، فكيف داخله!
من ناحية أخرى، فإن أمين عام حزب الله حسن نصرالله، برر ويبرر مساندته لنظام لا يُختلف على استبداده وفساده، وارتكابه مجازر جماعية عمياء بحق المواطنين السوريين، بذريعة محاربة خطر التكفيريين، وحتى لا يصبح لبنان خصوصاً، كما قال نصرالله في خطاب سابق، عراقاً آخر. لكن اليوم، يبدو الأدق ما كان توقعه مبكراً الباحث اللبناني بلال صعب، وهو استجلاب حزب الله، عبر سياسته تلك، التكفيريين إلى عُقر داره، وفي وقت يتم فيه الحديث الاحتفالي عن « انتصارات » لحزب الله والأسد في سورية. فهل معنى ذلك فشل حرب الحزب الوقائية؟
هنا، قد يحاول أنصار حزب الله الاختفاء خلف مزاعم الدعم الخليجي لـ »القاعدة »، وأن تجفيف منابع الدعم، ولو عبر الولايات المتحدة؛ الحليف الجديد لإيران وحزب الله، سيسمح قريباً بالإجهاز على التكفيريين والانتصار على الشعب السوري في الوقت ذاته. لكن هذه هي الرغائبية المستحيلة تماماً، اللهم إلا إذا تحول حزب الله إلى حليف إسرائيل. فهذه الأخيرة، ولربما أميركا، وحتى روسيا الطامعة بغاز « المتوسط »، يفيدها حتماً، كما يعلم حزب الله، انشغال العرب بحرب أهلية طائفية. وطالما بقيت كل ظروف هذه الحرب، أفلا يكون بدهياً توقع استمرار الإرهاب الذي يغذيها، مع تنوع داعميه بل وازديادهم، من خارج المتهمين المعتادين.
على حزب الله التوقف عن تكفير السوريين جميعاً، وعن السعي إلى الانتصار عليهم، بدلاً من الانتصار لهم. إذ فقط بفضل هكذا انتصارات موهومة، أو آنية في أحسن الظروف، حل الخراب في سورية، وسيحل قريباً في لبنان وبحزب الله.