هذه هي النتيجة! – محمد أبو رمان

Article  •  Publié sur Souria Houria le 1 février 2013

خلال الأيام القليلة الماضية، وصل إلى الأردن عبر الحدود السورية عشرات الآلاف من اللاجئين. وهو رقم مرتفع مقارنة بالفترة التي سبقت ذلك، وإذا كان يدلّ على شيء، فعلى الجرائم الدموية والمذابح والقتل التي ترتكب من قبل النظام، بلا أدنى مسؤولية أخلاقية وقانونية وإنسانية!
قبل أيام قليلة أيضا، تمّ اكتشاف عشرات الجثث لشباب سوريين؛ جميعهم كانوا مكبّلين وتمّ قتلهم برصاصة في الرأس. ولا تعدو هذه القصص أن تكون جزءاً يسيراً -لا يُذكر- من هول المأساة التي يعيشها الشعب السوري اليوم، بينما يبدو الضمير الأخلاقي للعالم في غيبوبة كاملة، ويتباطأ ويتلكأ ويماطل المجتمع الدولي في اتخاذ أي خطوات حاسمة لحماية المدنيين والأبرياء، وأرواح الشباب والأطفال والنساء والشيوخ!
صحيح أنّ الموقف الروسي سيئ ومتواطئ مع النظام هناك؛ لمصالح استراتيجية واقتصادية معروفة، إلاّ أنّ الموقف الأميركي والغربي لا يقل سوءاً وليس أفضل حالاً؛ فما يرسم حدود هذا الموقف ليس الخشية من الدخول في صراع مع روسيا، بل هي مصالح إسرائيل في مرحلة ما بعد النظام السوري، وهو ما يمثل السبب الحقيقي الذي يقف وراء عدم تقديم دعم نوعي مفيد للثوّار السوريين!
الاستراتيجية الغربية في سورية تتمثّل حالياً في إطالة أمد الصراع والأزمة هناك، وصولاً إلى استنزاف كامل للجيش والاقتصاد السوريين، والبنية التحتية والموارد الوطنية، كما للثوّار أيضاً، وإعادة سورية قروناً إلى الوراء، بحيث تحتاج عقودا طويلة من إعادة البناء بعد هذا التدمير والهدم والدمار الذي ألحقه الجيش السوري بوطنه، بحجة مقاتلة « عصابات مسلّحة »!
مع إعادة انتخاب الرئيس الأميركي باراك أوباما، ومع التغييرات التي تحدث في الطاقم المحيط به، يذهب أغلب التحليلات إلى أنّ الموقف الأميركي سيتغيّر نحو التخلّي عن السلبية، واتخاذ قرارات وإجراءات تساعد فعلاً على دعم الثورة وإنهاء الحكم السوري. وسبب ذلك لا يرتبط من قريب أو بعيد بالضمير الغربي تجاه معاناة الشعب السوري، بل بالخوف والقلق من تمدّد « جبهة النصرة »، واشتداد عودها خلال الفترة الأخيرة.
المفارقة أنّنا بدأنا نسمع معزوفة جديدة مختلفة تماماً عمّا سبق، وبذريعة جبهة النصرة، أيضاً، تتمثّل في الخشية من أن يؤدي سقوط النظام إلى ازدياد نفوذ هذه الجماعة وأنصارها، وإلى مزيد من الحرب الأهلية، وإقامة « إمارات إسلامية »، بدون أن يلتفت الأميركيون إلى أنّ ما جرى إلى اليوم هو قتل لعشرات الألوف، واختفاء واعتقالات لآلاف آخرين، وقصف وتدمير مدن بأكملها، وتهجير ملايين السوريين؛ وكأنّ حياة وكرامة وحقوق وإنسانية هؤلاء جميعاً بلا ثمن، بينما تكمن المشكلة فقط لدى الأميركيين في الخشية من جبهة النصرة!
ينسى الأميركيون ومن معهم أنّ العالم هو من خلق جبهة النصرة، وأعطاها الشروط المناسبة للصعود والانتشار بتخاذله وتواطئه؛ وأنّ الجبهة والتيارات السلفية المقرّبة من « القاعدة » كانت مجموعات محدودة وضعيفة، لكن مع طول أمد القتل والذبح والصراع، وفي ظل هذا التخاذل، فإنّ هذه المجموعة تكبر وتتوسع، وستبقى في خطّ تصاعدي طالما أنّ الرهانات الدولية تمنح النظام مساحة أخرى من القتل والتدمير والذبح!
اليوم، وبرغم كل الانتصارات التي حققها الثوّار عسكرياً وسياسياً ورمزياً، فإنّ القوة الحقيقية للنظام يكتسبها من الخارج لا من الداخل، عبر الدعم غير المحدود إيرانياً وروسياً، مادياً وعسكرياً ولوجستياً وطائفيّاً، بينما يبقى الشعب السوري وحيداً في الشتاء والبرد واللجوء والأحياء المهدّمة، في ملحمة تراجيدية. والمعارضة مهما بلغت قوتها لا تستطيع وحدها حسم المعركة عسكرياً، بينما المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي، يبدو معطّلاً، بلا ديناميكية حقيقية. فهل استقرت الأجندة الدولية على أن المصالح الغربية تكمن في استدامة الأزمة، ومضاعفة حجم الكارثة الإنسانية؟!

http://www.alghad.com/index.php/crew/7.html