هل تخلّى « الدب » عن « الأسد »؟ – محمد أبو رمان

Article  •  Publié sur Souria Houria le 12 novembre 2015

Momamad Abu Rumman

هل تخلّى « الدب » عن « الأسد »؟ – محمد أبو رمان

ما تزال التفاصيل الدقيقة غير واضحة فيما يتعلّق بالمبادرة الروسية للحل السياسي في سورية (التي تسرّبت إلى وكالة « رويترز » للأنباء)، وإن كانت القضية الجوهرية فيها تتمثّل في تحديد مرحلة انتقالية تستمر قرابة 18 شهراً، تتم فيها عملية إصلاح دستوري، تتلوها انتخابات رئاسية مبكّرة. والأهم أنّ الأسد لن يقود هذه العملية، بل مرشّح توافقي بين الأطراف المختلفة.
هل يعني ذلك أنّ « الدب الروسي »، الذي دخل بقوته على الساحة السورية مؤخراً، قرّر التخلّي عن « رفيقه » الأسد »؟! الأمر ليس واضحاً تماماً، من الناحية الرسمية المعلنة؛ إذ هل سيبقى الأسد بلا صلاحيات خلال هذه الفترة، أم هناك إشارات ضمنية إلى إمكانية رحيله، بما يزيل صخرة كبيرة من طريق الحل السياسي، وإحدى أبرز « المعضلات » أمامه داخلياً وخارجياً؟!
خارج السياق الرسمي، ثمة إشارات متعددة حول الموقف الروسي، تذهب إلى ترجيح تخلّي موسكو عن الأسد إذا تم التوصل إلى « خريطة طريق » محكمة. وبالرغم من أنّ المبادرة تسمح للأسد بخوض الانتخابات الرئاسية المبكّرة، إلاّ أنّ الحديث وراء الكواليس قد يتضمن « وعوداً روسية » بعدم خوضه للانتخابات، وبترتيب عملية إخراجه من المشهد السياسي.
بالرغم من هذه التطورات المهمة على صعيد المبادرات الدبلوماسية والسياسية، ما تزال ثمّة عوائق عديدة في الطريق، من بينها المواقف الإقليمية المحيطة، بخاصة لكل من إيران وتركيا والسعودية، ومدى توافقها على خريطة الطريق، بخاصة الجانب الإيراني الذي أصبح متغلغلاً إلى درجة بعيدة في تفاصيل الصراع المسلح في سورية، وفي ترتيب وضع دائم له في المرحلة التالية؛ والأهم من هذا وذاك مدى قبوله بإخراج الأسد من المرحلة الانتقالية من دون وجود ضمانات أكيدة حول الترتيبات المقبلة.
من ناحية أخرى، هناك المعضلة الكردية وموقف الحكومة التركية، بخاصة بعد الانتخابات التي أعطتها جرعة كبيرة من الثقة بالنفس، والإصرار على إقامة المنطقة الآمنة في الشمال السوري.
المعضلة الأخرى تتمثل، على الطرف الثاني، في موقف المعارضة السورية، وفي المطالب الروسية والأوروبية عشية اجتماع فيينا (يوم السبت المقبل) حول ضرورة تحديد وتعريف المعارضة التي تعتبر معتدلة وتلك المتطرفة، وإلزام الأطراف الدولية والإقليمية بعدم تقديم أي دعم للأخيرة. والإشكالية في وضع هذه الخطوة قبل خطوة إعلان خريطة الطريق السياسية والتوافق عليها خارجياً، بشكل مبدئي، أنّ هذا يثير هواجس المعارضة السورية من أن تنقل المعركة إلى أوساطها، ما يضعف موقفها ميدانياً. فإذا استثنينا تنظيم « داعش »، الذي يوجد اتفاق دولي وفي أوساط المعارضة على تعريفه، فإنّ المشكلة تكمن في فصائل متعددة أخرى، مثل « جيش الفتح » و »أحرار الشام » التي تتداخل علاقاتها مع « جبهة النصرة »، وتخشى من أن يؤدي هذا الموقف الدولي إلى تفتيت التحالفات قبل أن يكون هناك أفق حقيقي لحل سياسي!
المشكلة الأخرى تكمن في اقتصار تصنيف الحركات على أنّها إرهابية وغير إرهابية في الشق المعارض للنظام، من دون الحديث عن المليشيات الكبيرة التي تعمل معه، والقوات الخارجية التي تقاتل إلى جانبه علناً، مثل الحرس الثوري الإيراني وحزب الله!
من الصعب، في ظل الواقع المعقّد وتضارب المصالح وحالة المعارضة والملفات العالقة والشائكة، أن ندخل في طور التفاؤل الصريح بأنّ هناك ضوءاً في نهاية النفق، وأنّ حلاً سياسياً توافقياً يمكن أن يشكّل مخرجاً للوضع المأساوي الراهن. إلاّ أنّه في المقابل، هناك للمرة الأولى شعور بأنّ العقد الكبيرة تتفكك، وأنّ الأميركيين والروس يقتربون من ترسيم حلّ سياسي؛ ما يزال يحتاج إلى قوة دفع دبلوماسية كبيرة، بسرعة أكبر، لأنّ التطورات على الأرض تسبق كثيراً هذه المبادرات، وقد تتجاوزها تماماً عمّا قريب!