يا حكام العالم اتحدوا.. واحقنوا دماء المسلمين.. خطيب بدلة

Article  •  Publié sur Souria Houria le 29 août 2012

كان يوم الأربعاء الخامس عشر من آب (أغسطس) 2012 يوماً حافلاً بالأحداث على الساحة السورية..
فقد احتشد السوريون أمام شاشات التلافيز، في المنازل والأماكن العامة، مثل شلوح النحل، منتظرين افتتاح مؤتمر القمة الإسلامية الاستثنائي الرابع الذي حضره زعماء سبع وخمسين دولة إسلامية بالتمام والكمال، مؤملين من هذا المؤتمر الخير، كُلَّ الخير..
وحينما تكرم جلالة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز (أبو متعب) بإلقاء كلمته أمام المؤتمر، ودعا الإخوةَ المؤتمرين للتضامن في سبيل حقن دماء المسلمين.. عصر السوريون أدمغتهم، وأمخاخهم، ومخيخاتهم، وأبدوا أقصى حالات الانتباه، والتركيز، عسى أن يفهموا، ويستوعبوا، ويعرفوا مَنْ يكون هؤلاء المسلمون الذين تحتاج دماءهم إلى حقن، دون جدوى.
وتساءلوا: يا ترى هل كان جلالتُه يقصد المسلمين بشكل عام، أم، كما يقول أهل حمص، (عن أبي جَنَب)؟..
أم يقصد المسلمين العرب العاربين المنحدرين من نسل قحطان وعدنان ومضر.. الذين تضمهم (بلاد العرب أوطاني- من الشام لبغدان)؟..
أم يقصد المسلمين الأعاجم كالأفغان والباشتان والشيشان وأهلَ كوسوفو وبورما.. باعتبار أنهم، باعتناقهم الإسلام، ضحوا بالمزايا التي يعطيها الغربُ للمسيحيين، فكان ثوابُهم عند الله تعالى مضاعفاً؟!
وختموا تساؤلاتهم بالقول: يا ترى هل- نحن السوريين- محسوبون بين المسلمين الذين سيجري حقنُ دمائهم على قدم وساق، بناء على مداولات مؤتمر الدول الإسلامية الاستثنائي الرابع؟! أم ستبقى دماؤنا مباحة لمن هب ودب مثل الرزق الداشر؟!
ولم تدم حيرة السوريين طويلاً، إذ سربت لهم قناة (العربية) خبراً رائعاً، مفادُه أن البيان الختامي للمؤتمر سيتضمن بنداً ينص على تعليق عضوية النظام السوري في هذه المنظمة!.. حينئذ قفز السوريون في الهواء مثلما يقفز جمهور ريال مدريد حينما يحرز فريقُهم التقدم على برشلونة في اللحظات الأخيرة من المباراة، وصاحوا:
تكبير.. الله أكبر.. الآن انتهى النظام السوري!.. انتهى، باعتبار أن وجوده كله كان قائماً على هذه العضوية!

تشويه سمعة سوريا الحضارة والتاريخ
إن السوريين، مع ذلك، سيندمون ندماً يصل إلى حدود عض الأصابع بالأنياب والنواجذ فيما لو أدى تعليق عضوية النظام السوري في منظمة الدول الإسلامية، وفي جامعة الدولة العربية (من قَبْل)، وإدانة جرائمه التي (قد) ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، إلى سقوطه!.. فهو، إذا كنت تريد الحق ولا تريد الباطل، نظامٌ فريد يصلح للفرجة عليه في الأسواق و(البازارات) لقاء عشر ليرات سورية تُجبى من النفر المتفرج قبل بدء العرض.
إنه، بلا أدنى شك، النظام الوحيد في العالم الذي تُسارع وزارة (خارجيتـ)ـه إلى عقد مؤتمر صحفي كلما حصلت في البلاد حادثة (داخلية)..
فعلى إثر التفجير الذي استهدف مبنى هيئة الأركان العامة للجيش والقوات المسلحة، ظهر معاون وزير الخارجية المهيوب الأستاذ فيصل المقداد، وأحيط بلواقط الفضائية السورية، والإخبارية السورية، والتعليمية السورية، ونور الشام الدينية السورية، وقناة المنار، وقناة نبيه بري، وشرع يصرح، والارتياح باد على محياه، بأن المراقبين الدوليين المقيمين في الفندق المجاور لمكان التفجير- والحمد لله- بخير، وأن هذا التفجير هو عمل إرهابي يسعى لتشويه سمعة سوريا الحضارة.. (يقصد سمعتها الخارجية بالطبع).
هذا التصريح طرح أمام السوريين، في هذا النهار الـ (مش فايت)، مجموعةً من الأسئلة التي ليس لهم من طرحها بُدُّ، وهي:
ألم ينته عمل بعثة المراقبين في سوريا؟.. لماذا- إذن- لا يذهب هؤلاء القوم إلى بلادهم، ويلتحقوا بأمهاتهم وزوجاتهم وأولادهم وينعموا بدفء الحياة الأُسَرية مثل سائر البشر؟!.. وإذا كانوا موجودين في سوريا حتى الآن.. ما هو الداعي لوجودهم؟! هل تحولت سوريا، دون أن يدري السوريون، إلى قهوة (زَ..) التي يرتادها الأشخاص الذين يسمونهم في إدلب (أولاد حنيكل) وفي الشام (أولاد آدو)؟
وأخيراً، ما هو نوع التهيؤات التي تعرض لها الأستاذ فيصل المقداد فجعلته يحكي عن تشويه سمعة سوريا بين الدول؟
إن سمعة سوريا، يا مسيو فيصل المقداد، لا يمكن تشويهها بهذه السهولة، فقد حُكمت بالحديد، والنار، والقتل، والتعذيب، والإخفاء، والتشريد، والترميل، والتيتيم.. أكثر من أربعين سنة، ولم تتشوه سمعتها!
تحولت سوريا، بعلم فيصل المقداد، وغير فيصل المقداد، إلى جمهورية وراثية ولم تتشوه سمعتها..
صار فيها ثلاثون ألف قتيل، ومئة وخمسين ألف جريح، ومئة ألف مفقود، وتهدمت بيوت أهليها فوق رؤوسهم، وسُرقت ثروتها وحُولت إلى بنوك أوروبا، واغتصبت نساؤها، واغتصب فتيانُها، أمام أعين ذويهم، وتحول قسمٌ كبير من شعبها إلى لاجئين يتلقون المعونات والسلال الغذائية من مؤسسات الإغاثة والجمعيات الخيرية.. ولم تتشوه سمعتها..
بقى كرمى لتفجير (إرهابي) لا يُرى بالعين المجردة.. تتشوه سمعتها؟..
يا إبراهيمي يا أخضر..
في هذا اليوم الظريف نفسه.. اطلع السوريون على خبر تناقلته وكالات الأنباء، والفضائيات الناطقة بالعربية، ومواقع الإنترنت، مفاده أن الأخضر الإبراهيمي المرشح لـ (خلافة) كوفي عنان في سوريا، قد اشترط على رئيس الأمم المتحدة، أو- كما كان يقول محمد الماغوط- (رئيس العالم) بان كي مون، استصدار قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع حتى يقبل بهذه المهمة الرهيبة..
وبالنظر إلى أن الأخضر الإبراهيمي هو ابن بلاد (الساحقات الماحقات) الجزائرية، يعني أنه ابن جلدة السوريين، ويتكلم بلسانهم العربي المبين، فقد صعب عليهم حالُه، وأشفقوا عليه، وكادوا يذرفون عليه الدمع مدراراً.. فهم يعرفون، حق المعرفة، أن مهمة كوفي عنان التي تتضمن ستة بنود نظرية، كانت تقابلها ستة بنود عملية هي:
عدم سحب الجيش السوري من المدن.
ضرورة استخدام الطيران والأسلحة الثقيلة ضد المدنيين.
عدم إطلاق سراح أي معتقل سياسي، واعتقال المزيد من السوريين، وإذا أمكن تصفيتهم وإلقاء جثثهم في الشوارع.
إحداث وزارة للمصالحة الوطنية وتبويس الشوارب على المسك.
جلوس الدكتور قدري جميل وعلي حيدر مع ممثلي النظام السوري على طاولة الحوار في موسكو الأبية.
رفع معدلات القتل من خمسين إلى مئة وخمسين مواطن سوري يومياً.
إخفاء نائب الرئيس السوري فاروق الشرع في مكان آمن ومنعه من أي ظهور أو تصريح لئلا تخطر ببال أحد فكرة نقل السلطة إلى النائب.
وبما أن وزيري خارجية روسيا والصين جاهزان لرفع الفيتو في وجه أي قرار يدين النظام السوري تحت البند السابع، فإن السوريين يقترحون على الإبراهيمي الاشتراط أن ينص القرار على إدانة الشعب السوري الذي يسميه النظام السوري (العصابات الإجرامية المسلحة)!.. ووقتها يتم تجاوز الفيتو بسلام.. ويأتي شقيقنا الابراهيمي إلى سورية، ويجلس في نفس (الدويخة) التي جلس فيها كوفي عنان..
دوخة الهنا.
فرقة ناجي عطا الله (الناجية)..
مما لا شك فيه أن الزعيم عادل إمام هو نجم الكوميديا العربية في القرن الحادي دون أي منافس يُذكر.. وإذا كان في مراتب الفن مرتبة أعلى من مرتبة النجم فهو يستحقها بجدارة..
وأما الممثلان اللذان حاولت السينما المصرية تكريسهما، كبديل لعادل إمام، أعني محمد هنيدي ومحمد سعد، فيعطيان للمشاهد عكس المردود الكوميدي بالضبط.. يعطيانه، بدلاً من الضحك الصافي، الغضب والنرفزة والاستياء.. وقد يوصلانه إلى حافة البكاء..
ولكن من يشاهد عادل إمام في مسلسل (فرقة ناجي عطا الله) لا بد أن يخرج بانطباع وحيد لا ثاني له.. وهو أن كان حريا بعادل إمام أن يُحال إلى التقاعد قبل البدء بتصوير هذا المسلسل المتعوب.. (مثل المشير طنطاوي) بالضبط!

http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today\28qpt997.htm&arc=data\2012\08\08-28\28qpt997.htm