يكاد الأسد يقول خذوني! – منار الرشواني

Article  •  Publié sur Souria Houria le 26 août 2013

بكلمة واحدة، ربما يكون نظام بشار الأسد قد أنهى أي شك في مسؤوليته عن المذبحة الجماعية التي وقعت في الغوطة الشرقية، وحصدت مئات أرواح السوريين، لاسيما من النساء والأطفال، باستخدام السلاح الكيماوي.
الأغرب أن هذه الكلمة الوحيدة ليست إلا اعتبار النظام لضحايا المجزرة جزءاً من « الشعب » السوري! والذي لا يمكن للنظام استخدام سلاح كيماوي ضده؛ كما أكدت وزارة الخارجية السورية في ردها على الاتهام بالمسؤولية عن مذبحة الغوطة. فهل اكتشف هذا النظام الذي يمارس القتل الجماعي منذ أكثر من عامين ونصف العام ولو بأسلحة تقليدية، كما يمارس الاعتقال والإخفاء الجماعي منذ عقود، هل اكتشف الآن فقط وجود شعب ومواطنين في سورية، لاسيما في المناطق التي اعتادت قواته محوها، بمن فيها، عن وجه الأرض؟ أم أن المواطنة عند النظام تحمي « المتمتع » بها من الموت بالأسلحة غير التقليدية، فيما تجوز إبادته بكل ما سواها؟
الحقيقة أن تتبع تصريحات النظام تؤكد أن كلمة الشعب/ المواطنين، المحمّلة بالحقوق والمفعمة بصون الكرامة، لا تُستحضر إلا تبريراً لفشل، أو تبرؤاً من مذبحة كتلك التي ارتكبت في غوطة دمشق. يكفي هنا استحضار « نصر » مدينة القصير.
فمع استعصاء المدينة على جيش النظام ومليشيات حزب الله، مضافاً إليهما مليشيات طائفية من العراق وبلدان أبعد منه، ورغم استباق الاجتياح بقصف جوي ومدفعي مكثف وعشوائي لا يتوقف؛ برر الإعلام السوري تأخر « فتح » القصير، بالحرص على « المواطنين » السوريين المدنيين في المدينة! لكن مع نشوة النصر « الإلهي » (بفضل وجود حزب الله طبعاً)، ارتكب النظام خطيئة طالما نجح في تفادي الوقوع فيها، وهي السماح بدخول وسائل إعلام مستقلة إلى القصير لنقل وقائع النصر إلى العالم أجمع. عندها لم تظهر فقط مدينة مدمرة تماماً، بل وأيضاً جنود النظام ينهبون ما تبقى من بيوت « المواطنين! » السوريين، باعتبار ذلك بمثابة غنائم حرب، صارت قانوناً من حق قوات النظام، والمليشيا المتحالفة معها!
فوق ذلك، فإن محاولة النظام تحميل « القاعدة » وابنتها « جبهة النصرة »، والتكفيريين الذين يكادون يعنون كل السوريين، لا تزيد هذا النظام إلا مسؤولية عن مجزرة الغوطة وما قبلها، وما سيتبعها حتماً. لندع علاقة الرعاية التاريخية للتنظيم « الإرهابي التكفيري » يوم كان الأسد يستخدمه ضد الأميركيين في العراق؛ لكن ألا يحق السؤال: كيف لا يستطيع النظام استئصال عناصر « القاعدة »، فيما هو يهدد العالم أجمع في حال تدخله في سورية؟ كيف يكون عاجزاً في مواجهة « جماعات »، فيما يُظهر استعداداً لمواجهة بعض أقوى جيوش العالم؟
رغم كل ذلك، يبقى ثمة مجال لتبرئة الأسد ونظامه؛ بالقول إن الأمور خرجت عن سيطرته تماماً، فما عاد يحكم، في أحسن الأحوال، إلا ضمن حدود مكان إقامته. استنتاج يبدو منطقياً تماماً طالما أن إيران وروسيا هما من تعلنان قبول زيارة فريق التحقيق الدولي إلى الغوطة الشرقية؛ وإيران هي من تضع الخطوط الحمراء بشأن سورية التي باتت دماء شعبها، بفضل الأسد، ورقة ابتزاز لا أكثر، لتحقيق مكاسب قومية إيرانية وروسية خالصة!