Bassma Koudmani – ثمن الكلام وسبب الصمت
هى سورية وأم لأربعة أطفال مقيمة فى الخارج تقوم بواجباتها العائلية فى الصباح ثم تجلس أمام الفيس بوك. أصدقاؤها كثيرون خاصة فى دمشق حيث أكملت دراستها الثانوية فى إحدى المدارس الخاصة. كان معها أولاد المسئولين كما يعرّفون فى سوريا، هؤلاء الذين يحكمون اليوم وتذكر كل واحد منهم. بشار من سنّها وكان يجلس فى نفس الفصل. تقول إنه كان شابا خجولا لطيفا متواضعا، وهى اليوم مصدومة من ممارساته كرئيس، وباتت لأسابيع لا تصدق أن هذا الإنسان اللطيف هو الذى يأمر بقمع المتظاهرين وارتكاب الجرائم فى درعا وبانياس. الآن لم تعد معنية بمعرفة ما إذا كان يأمر بالقمع والقتل بقناعته وإرادته الشخصية أو تحت ضغط من الذين يحيطونه.
الفيس بوك وسيلتها الوحيدة للمشاركة من الخارج وقد اعتاد الأصدقاء فى الأسابيع الأخيرة أن يتحاوروا معها على الشبكة، تقرأ كل ما يصدر من أخبار عن سوريا، تختار مقالات لتنشرها على صفحتها، تعلّق عليها، تتابع نشاطات كل الجاليات السورية فى الخارج، تنبّه هؤلاء إلى ضرورة أن يتابعوا قنوات التليفزيون السورية التى تتحدث عنهم وتشوّه صورتهم لكى يصححوها عن طريق قنوات أخرى. تغضب من نقاش دار بينها وبين بعض السوريين من الجالية فى البلد، الذى تقيم فيه فتتصل فورا بأصدقائها وأقاربها لتعبر عن إحباطها وتستعين بالذين يؤمنون بالثورة لكى تستعيد معنوياتها وتستمر فى نشاطها.
هكذا دخلت السيدة الدمشقية ساحة النضال بطريقتها المتواضعة من أجل التضامن مع شعبها فى الداخل. لكن سرعان ما بدأت تتعرض لنصائح ثم ضغوطات لكى تكفّ عن العمل على الفيس بوك، الأقارب يتصلون ليقولوا إنهم يتلقون إنذارات بسببها وأنها تعرّض مصالحهم للخطر وأهلها يترجونها أن تتوقف لأنها لن تعد تستطيع العودة إلى سوريا وسوف يُحرمون من رؤيتها. وزميلاتها فى دمشق يتلقون رسائل من ممثلين عن أجهزة السلطة لينبّهوا من عواقب سلوكها فى الخارج. الجميع يعاتبها وكأنها ترتكب حماقة وتتصرّف بشكل غير مسئول.
هذه السيدة واحدة من السوريين والسوريات العديدين الذين يريدون التعبير عن غضبهم وهم مستعدون لتحمّل مسئولياتهم إذا كان هذا قد يؤثر على مصالحهم الشخصية، لكن النظام يلجأ إلى التهديد بمعاقبة عائلاتهم فيضطرون إلى مراجعة حساباتهم واللجوء إلى الصمت، لأن ثمن التعبير عن رأيهم باهظ ومن الصعب عليهم فرض نتائجه على حياة الآخرين. هكذا يستمر الحصار على الشعب وانسداد جميع المنافذ أمام الاحتجاج السلمى.
Source : AKHBARAK
Date : Bassma Koudmani – 5/5/2011